طيب!!!

«غزوة» تشارلي.. الثمن ليبيا؟!

.. ما حدث في باريس، وترددت أصداؤه في جنبات العالم كله.. ستنعكس ردود أفعاله أو مخططاته على «القاهرة» بشكل مباشر.. كيف.. ولماذا؟.. تعالوا معي إلى قليل من المنطق في زمن تداخلت فيه المقدمات واختلطت فيه النتائج وتقاطعت فيه خطوط الفعل.. ورد الفعل.
.. لنرجع إلى الوراء قليلا 9/11 وتفجير برجي التجارة وما حدث بعده من تنكيل بالمسلمين والعرب في كل مكان، رغم وجود العديد من النظريات والألغاز وعلامات الاستفهام.. التي أبسطها لماذا لم يذهب الموظفون والعمال اليهود إلى مقر عملهم في هذا اليوم، وبالتالي لم يمت يهودي واحد بين الضحايا الـ 3000.
وكانت نتيجة ما قام به 19 «إرهابياً» حسب الرواية الأمريكية هي تدمير العراق وأفغانستان واحتلالهما، ثم بزوغ «داعش».. وتفكيك سورية وتشريد أهلها.
وطبعاً وجهت أصابع الاتهام إلى تنظيم «القاعدة» وعدو أمريكا رقم واحد أسامة بن لادن، الذي تم قتله في عملية كوماندوز هوليوودية، ورمي جثمانه في المحيط!!.. لتغرق معه كل أسرار «القاعدة» وخفايا «غزوة مانهاتن»!!.. وبقيت العراق وأفغانستان ترزحان تحت نير الاحتلال الأمريكي... ومن يجرؤ على الكلام؟
.. وفي باريس شاهدنا شبحين يتشحان بالسواد يقتل أحدهما شرطياً (مسلماً) على الهواء، وقيل إنهما الأخوان سعيد وشريف كواش،.. وفوراً تمت محاصرتهما وقتلهما، بعد اتهامهما بقتل الفرنسيين الـ12 في صحيفة «تشارلي إبدو».
.. ثم أعلن أن ثالثهما أحمد كوليبالي يحتجز رهائن في متجر يهودي، ثم ترك الرهائن وسجد يصلي فتم قتله فوراً.
وفي كل الحالات (بن لادن – الشقيقان كواشي – كوليبالي) تم قتل المتهمين فوراً، دون استخدام أي من أدوات التكنولوجيا شديدة التطور والتعقيد كغازات التنويم، والشلل، والموجات المعطلة للدماغ، وزميلتها المفقدة للقدرة على الحركة.. وكل ما نسمع ونقرأ عنه من تكنولوجيا مكافحة الإرهاب.
المهم أن تموت الأسرار مع المتهمين ويدفع المسلمون الثمن، فما الثمن هذه المرة؟.. وما علاقة القاهرة بالموضوع؟
.. أظن.. وأدعو الله أن يخيب ظني – أنه كما كانت العراق وأفغانستان وسورية ثمناً لغزوة مانهاتن، فإن الشقيقة ليبيا ستكون ثمناً لمذبحة «تشارلي إبدو»، فليبيا أغنى الدول النفطية الأفريقية وأكثرها قرباً من سواحل أوروبا، والتي تمتلك أنبوباً نفطياً مباشراً يصل إلى سواحل إيطاليا دون ناقلات أو غيرها.
وليبيا الآن تتحول الى «ملاذ آمن» تتجمع فيه كل المنظمات الجهادية المحظورة وغير المحظورة، بدءا بالاخوان وانتهاء بداعش مرورا بالقاعدة والنصرة وغيرها، وهي بذلك الاقرب الى تهديد أوروبا ونقل ساحة المعارك الجهادية الى قلب القارة العجوز، وعواصمها غير المعتادة على مواجهة الارهاب، ولذلك لن يمانع احد من تدخل «فرنسا» الجريحة لإجهاض تجييش الارهاب على الساحل المقابل لسواحلها.
وليبيا التي يهدد الارهاب المنتشر على كامل أراضيها جميع جيرانها خاصة مصر التي تعاني من وجود حدود تتجاوز 1100 كيلو متر، «يستحيل» السيطرة الكاملة عليها، والأفضل للقاهرة ان تأمن شر وجود وسيطرة الجماعات الارهابية على هذا الامتداد الحدودي الهائل، سيكون من مصلحتها القضاء على الارهاب في ليبيا، حتى تأمن الخطر القادم من الغرب.
.. أرجو أن تتمكن «القوى الوطنية» في ليبيا الشقيقة من الانتصار على جماعات الارهاب، ويتمكن الشعب الليبي الشقيق من دحر دياجير الظلام والاظلام، وتفويت الفرصة على الاستعمار الجديد للتدخل في ليبيا بدعوى قتل الارهاب في مهده، وان يوفق الله القيادتين السياسية في مصر وليبيا الى ما فيه خير وصالح الشعبين الشقيقين.
وحفظ الله مصر واهلها من كل سوء.

حسام فتحي
hossam@alwatan.com.kw
twitter@hossamfathy66