امام المرآة راحت تتأمل نفسها. مازالت فاتنة، ساحرة، لم ينل الزمن من تضاريسها او نضارتها. استدارت يمينا ويسارا ثم ابتسمت وكأنما تحيي جمالها.
كانت تعتز بكبريائها، بأنفتها، بغرورها. صفات لم يعد لها وجود عندما عشقت وهامت. لامت نفسها بعنف.
همت أن تدق رأسها في الحائط.
 تراجعت قبل الصدام بلحظات.
 تذكرت بيت الشعر: كناطح صخرة يوما ليوهنها...
ابتسمت في مرارة: هل اصبحت وعلا أوهى قرنه بالصخر؟
 سألت نفسها: كيف سكن قلبها كل هذا العشق والغرام؟ كيف صارت مراهقة رغم اقترابها من الاربعين؟ كانت تؤمن بعقلها تماما.
تؤمن بقدرته الخارقة على دحر كل حب يطرق باب فؤادها او نافذة روحها. سخرت كثيرا من كل العاشقين الهائمين. فالعشق للصغار... للاطفال... من جديد، همت ان تدق رأسها في الحائط. تراجعت كعادتها. عزمت ان تستعيد عقلها وكبرياءها، ان تذبح قلبها، ان تدير له ظهرها، ان تغلق الباب وتستريح.
 طلبته على الهاتف: اريد ان نلتقي الان لامر جلل. التقيا في المقهى الفخم المطلة شرفاته على النهر. والذي يلتقيان فيه كل اسبوع مرة. التقت اعينهم. كانت متوترة، وكان قلقا. بدفء سألها: هل انت بخير؟
 
 نعم بخير. ما الامر الجلل؟قالت ومازالت اعينهم تتعانق: لا يكفي ان نلتقي مرة في الاسبوع، اريد ان نلتقي كل يوم! تناقشا.
 تفاوضا. اتفقا على ان يلتقيا ثلاث مرات، ثم اسرع مغادرا. راحت تتابعه حتى توارى عن الانظار. شعرت بالزهو والانتصار، سيلتقيان ثلاث مرات بدلا من مرة واحدة. مضت دون ان تذبح قلبها او تستعيد كبرياءها وعقلها...