طيب!!!

المصالحة

تعبيرات وجه مذيع الجزيرة الفلسطيني جمال ريان، وارتباكه وهو يتلعثم محاولا اخفاء مشاعره اثناء قراءته للفقرة الخاصة بالمبادرة السعودية للمصالحة بين مصر وقطر اختزلت كل ما يمكن ان يقال حول مفاجأة «الصائدين في الماء العكر» من الاعلاميين، وهذا المذيع تحديدا اساء لمصر، ولا اقول للنظام الحاكم، ووصف «المصريين» بألفاظ خلت من الاحترام، لا تستحق عناء الرد عليها أو عليه!!
في السياسة لا توجد صداقات دائمة أو عداوات دائمة، التاريخ يؤكد ذلك، ومن يعتقد غير ذلك فعليه «أن يلعب بعيداً» عن السياسة، لذلك كان متوقعا وسط الظروف العصيبة التي تمر بها المنطقة الا يستمر «التوتر الحاد» بين القاهرة والدوحة فترة طويلة، وجاء اعلان الديوان الملكي السعودي عن تفاصيل الاتفاق على انهاء الخلاف واضحا، ومركزا على الدعم الخليجي «الكامل» لمصر وخارطة طريق السيسي، وهو ما سبق وورد نصاً في بيان القمة الخليجية الاخيرة في الرياض، وازالة ما يشوب العلاقات، وخاصة ما تبثه «وسائل الإعلام» بالدولتين، وأعتقد أننا لا يجب أن نتوقع
«انقلاباً» في العلاقات بين يوم وليلة، فتسبح «الجزيرة» بحمد مصر، وتسهب فضائيات مصر في مدح قطر وسياستها، بل سيتم الأمر تدريجياً وببطء شديد، حفظاً لماء وجه الجميع، وعلى أجهزة الإعلام الابتعاد عن اصطياد «تعبير» خذل مذيعاً هنا، أو «كلمة» بدرت عفواً من إعلامي هناك.
كما سينتشر على مواقع التواصل الكثير من «الفتاوى السياسية»، و«التخمينات الحلمنتيشية»، و«التحليلات اللوذعية»، التي يزعم مروجوها أنهم يعلمون ما لا يعلمه الآخرون، وأنهم على اطلاع على جميع «البنود السرية» للمصالحة، وللأسف جل ما ينشر في هذا الصدد محض شائعات مغرضة.. بل شديدة الإغراض، هدفها تقويض المصالحة في مهدها، ووأدها قبل أن تؤتي ثمارها، وضرب «حزمة أسافين» بين الشعب المصري وقيادته، ومن أمثلة ذلك:
-1 أن قطر فرضت شروطها على مصر، وأولها الإطاحة برئيس المخابرات العامة، الذي كان يرفض التصالح!! (كذب صراح).
-2 أن قطر فرضت على مصر طرد جميع رموز المعارضة من القاهرة، وتسليمهم.. تسليم أهالي إلى الدوحة أيضاً (كذب صراح).
-3 ان المصالحة ولدت ميتة لأن السيسي رفض أن يتم لقاء القمة في الرياض وأصر ان يكون في القاهرة!! (كذب صراح).
-4 ان التحالف الاستراتيجي بين الدوحة وانقرة موجه الى القاهرة لإيذائها (يدخل ضمن باب مصالح الدول الأخرى التي لا يجب التدخل فيها).
-5 ان الدوحة نجحت في الحصول على تعهد للافراج عن مرسي وكل رموز الاخوان (ليس اشاعة.. بل تخريفة!!).
-6 ان مصر قدمت تنازلات اقتصادية لصالح مستثمرين قطريين في مشاريع استراتيجية (غير صحيح جملة وتفصيلا).
ما سبق من اشاعات هي نماذج لما لا يجب علينا تصديقه او الانسياق وراءه، وبقليل من التفكير يمكن ان نعرف من يقف وراءه من المستفيدين من استمرار «تعكر الأجواء».
.. أما عن المصالحة نفسها فنتمنى ان تنجح، لصالح الشعبين الشقيقين، مع الاخذ في الاعتبار عدم الافراط في التفاؤل بظهور «ثمار» فورية لها.. فقد كان الخلاف - ولاشك - كبيرا.
وحفظ الله مصر وشعبها من كل سوء.

حسام فتحي
hossam@alwatan.com.kw
twitter@hossamfathy66