طيب!!!
 
.. وللفساد عنوان
 
214 مليار جنيه ضاعت على مصر نتيجة التعدي على الأراضي، وهي في أغلبها من أجود الأراضي الزراعية.. يحدث ذلك في دولة تستورد أغلب غذائها،.. وتحيا حالياً للأسف على الدعم الخارجي!
 وهذا يعيدنا إلى ما اختتمنا به مقال الامس «الفساد.. أسلوب حياة»، الا وهو «إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم» فالمتعدون على الأراضي الزراعية «مصريون»، غَلَّبوا مصلحتهم الشخصية الضيقة، ومكاسبهم الخاصة المباشرة، على مصلحة الوطن، وأيضا مستقبل أبنائهم وأحفادهم.
 .. بالأمس كشف رئيس الوزراء عن الخطة الاستراتيجية للدولة في مكافحة الفساد خلال 5 سنوات، أي 2018/2014، وهدفها طبعا مكافحة الفساد والقضاء على المحسوبية، والتأكيد على ان محاربة الفساد والوقاية منه هما مسؤولية مشتركة بين افراد المجتمع، وجميع اجهزة الدولة.
 الاستراتيجية لم تخرج عن مثيلاتها في الدول العربية التي سبقتنا مثل المغرب وتونس والاردن والكويت، وهذا ليس بعيب، فنحن لن نخترع المياه ولا العجلة.
 وارتكزت الاستراتيجية على 6 محاور تغطي فترات زمنية مختلفة، تضم الفصل بين السلطات مع تعاونها لمكافحة الفساد، وإرساء مبادئ الشفافية والنزاهة وسيادة القانون والارتقاء بأداء الجهاز الحكومي والإداري للدولة وتحسين خدمات الجمهور، واحترام حقوق الإنسان، والمساواة أمام القانون، إضافة إلى تعريف الفساد وكيفية قياسه،.. وأشياء أخرى كثيرة، لا تميز مصر عن غيرها من الدول التي سعت قبلنا لمكافحة الفساد، مثل أسباب الفساد، وجهات مكافحته، وأخيراً أهداف الاستراتيجية.
 .. أكثر ما همني في كل ما قيل كان الأرقام،.. فالأرقام هي عنوان الفساد، فبالإضافة للاستيلاء على أراض ضيعت على الدولة 214 مليار جنيه، كان الرقم الآخر الأكثر «فُجراً».. والأسوأ دلالة أن إجمالي حجم التهرب الضريبي في مصر بلغ نحو 61 مليار جنيه عام 2013 فقط، وأن حجم التهرب الجمركي بلغ 1.2 مليار في نفس السنة، وهي القضايا التي تم ضبطها فقط!!
 .. ورغم احترامي الكامل للمجهود الذي بذله أساتذتنا الحقوقيون، والمخلصون في الحكومة لوضع هذه الاستراتيجية، ورغم تقديري للمجهود الضخم الذي ستبذله جهات مكافحة الفساد المتعددة، إلا أن الأمر مازال – في رأيي – يرتكز على «المواطن المصري» الذي تضافرت عليه العوامل المختلفة، وتقاطرت فوق جسده المحن، وتكأكأت على قلبه النوائب، حتى فقد «جزءاً كبيراً» من منظومة قيم رفيعة كان يتمسك بها حتى عقود غير بعيدة، قبل أن يعصف بها وبه غياب العدالة الاجتماعية، وتبتلعها وتبتلعه الفجوة الهائلة في الدخل، وتمحقها وتمحقه ثروات خرافية لفئة غير مستحقة
  يقابلها فقر مدقع لمواطنين ايضا لا يستحقونه!!.. وقبل ان يفقد بوصلة الحياة الكريمة بفعل غياب القدوة، وغياب خطط التنمية البشرية، وغياب ضمير «أبرياء» حكموا مصر عقوداً دون أن يجهدوا أنفسهم في سبيل رفعتها وتطويرها او على الأقل عدم إفسادها.. وإفساد منظومة قيم شعبها.
 أعيدوا بناء منظومة قيم شعب عمرها 7 آلاف عام وسوف لا تحتاجون لاستراتيجيات لمكافحة الفساد، وسيختفي «الفساد» كما ظهر، ولن تجدوا له عنوانا.
 وحفظ الله مصر وشعبها من كل سوء.
 
حسام فتحي
 hossam@alwatan.com.kw
 twitter@hossamfathy66