طيب!!!
 
الفساد.. أسلوب حياة
 
رئيس الوزراء ابراهيم محلب أعلن انه سيطلق اليوم – الثلاثاء – استراتيجية جديدة لمكافحة الفساد والتي ننتظرها بفارغ الصبر، بعد ان نحر «سوس» الفساد، وأنياب «الفاسدين» دعائم الاقتصاد المصري، وانتشر في جميع مناحي الحياة، وتغلغل في تفاصيل يومنا، وتمدد ليملأ كل «الفراغات» في معاملات المصريين، بدءاً بـ«الباشا السايس» الذي يرمي «جتته» امام سيارتك في أي مكان على ارض المحروسة ليقتنص من جيبك جنيهات دون استحقاق،.. وليس انتهاء بوزير أو مسؤول رفيع كل همه تحقيق اقصى منفعة ممكنة من «الكرسي» قبل ان يتركه، ولتذهب مصر الى حيث تذهب.
اتمنى أن يرتقي ما سيكشفه سيادة رئيس الوزراء – الذي اثق في وطنيته – الى مستوى «الاستراتيجية» فعلا، وان يتضمن مكافحة الفساد بكل صوره، وما اكثرها، وان نكون قد تعلمنا من تجارب غيرنا في مكافحة الفساد فدول مثل العراق وتونس والمغرب، وبعض دول الخليج العربي قدموا استراتيجيات لمكافحة الفساد، تكشف جميعها مدى صعوبة مواجهة هذه الآفة التي «تدمر» الدول، وتُجْهِز على مقدراتها.
وحتى لا تتحول سطور هذه «الاستراتيجية» إلى مجرد «حبر على ورق» يجب أن ننجح في تغيير سلوك المواطن المصري نفسه فهو هدف التنمية.. وهو أهم أدوات تحقيق أهدافها في الوقت نفسه، وبدون تغيير مفاهيمه، وتطوير وعيه بماهية «الفساد» وكيف يحرم أبناءه من مستقبلهم، ويبعد اللقمة عن أفواههم، لن ننجح في تحقيق أي استراتيجيات مهما بلغ وقتها، وحبكت نظريتها.
بالطبع أوجه الفساد لا حصر لها، والطرق الناجعة لعلاجه معروفة،.. إصلاح حكومي.. تطوير إداري.. تحديث التشريعات.. تغليظ العقوبات.. الارتقاء بأداء موظفي الحكومة والهيئات.. تطهير أجهزة المحليات.. رفع درجة الشفافية والنزاهة في كل أرجاء الوظائف الرسمية.. تحقيق العدالة الناجزة.. السريعة.. الموجعة.. محاولة الوصول لعدالة اجتماعية مقبولة.. إعادة بناء الطبقة للمجتمع، والتي انكمشت وتقلصت في العقود الخمسة الماضية.. وبناء جسور الثقة بين المواطن والحكومة.. وعشرات،.. بل مئات من الخطوات والنصائح التي ذكرها عشرات المفكرين وخبراء التنمية الإدارية.. لكن هل يكفي ذلك؟.. وهل سينجح الأمر مع «المصريين» الذين دفعتهم الحكومات المتعاقبة الى الاعتماد على الفساد، كأسلوب حياة؟
.. وإلا ما معنى أن يكون راتب المدرس بهذا التدني ونطلب منه الا يعطي دروسا خصوصية؟
وراتب الطبيب الحكومي بهذا التواضع.. ومطلوب منه فحص 200 مريض يوميا.. بذمة؟
وراتب شرطي المرور بتلك الضحالة.. ثم نعيب عليه تلقي «العطايا» من سائقي السيارات؟!
وعشرات.. بل مئات الامثلة التي تؤكد ان الدولة كانت تعلم بـ«فساد» مواطنيها، بل تدفعهم دفعا لذلك،.. والدليل ان موظفيها لم يمت أحدهم جوعا؟!!
.. عشنا عقودا دون ان «نعي» أننا نمارس الفساد في كل لحظة، او «نتعامى» عن المعرفة لانه لا سبيل آخر للحياة!!.. وأصبحنا كمن يقف في دائرة واااسعة، وكل فرد فيها «يضع يده في جيب المواطن المجاور له».. كلنا فاسد.. وكلنا مفسد.. كلنا سارق.. وكلنا مسروق.. وأهي ماشية!!
الأهم من الاستراتيجية تغيير مفهوم المصريين عن الفساد، والإفساد.. فالله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم.
مطلوب استراتيجية لإعادة بناء «منظومة الأخلاق»!
وحفظ الله مصر وشعبها من كل سوء.
 
حسام فتحي
twitter@hossamfathy66