إجمالي التعويضات التي يطالب بها مستثمرون في قضايا مرفوعة ضد مصر في مراكز التحكيم الدولية بالخارج تقدر بحوالي 100 ألف مليون جنيه، حيث يصل اجماليها إلى 37 قضية – حتى منتصف العام الحالي – وذلك على ذمة المستشار عزت عودة رئيس هيئة قضايا الدولة.
ودون الدخول في تفاصيل تشكيل محكمة التحكيم الدولي، وكيفية اختيار اعضائها من قبل مجلس  غرفة التجارة الدولية، فان اغلب المستثمرين الان يصرون على النص على اللجوء للتحكيم الدولي في حالة الاختلاف مع الدولة حول مشروعاتهم، بدلا من اللجوء الى القانون والقضاء المصريين اللذين يمثلان سلطة الدولة عند صياغة هذه العقود.
وفي مقال الامس بعنوان «ابتزاز.. مصر» ذكرت ان الدولة تحملت وتتحمل مبالغ «مرعبة» كتعويضات تحكم بها مراكز التحكيم الدولية، تصورت للوهلة الاولى انها تأتي كأخطاء في صياغة العقود، تقع «عفوياً» ونتيجة لعدم الخبرة، والعجيب انها تصب «دائماً» في صالح المستثمر!!، وان الامر لا يتعدى «إهمال» موظف هنا أو «غباء» مسؤول هناك، أو «ابتزاز» «نجل» مسؤول «بريء»، أو «عناد» لمسؤول كبير، كانت هذه الأسباب هي «أقصى» ما تبادر إلى نيَّتي «السيئة»، و«أقسى» ما طاف بخيالي «المريض»،.. حتى فاجأني صديق عزيز بما هو اسوأ وأقصى وأقسى وأكثر مرضا.. وإمراضاً، واسمعوا معي ما قاله الصديق الذي يعمل في إحدى الجهات الدولية المتخصصة في متابعة الاستثمار في دول بينها مصر:
يقول الرجل:.. في سنوات الفساد والإفساد وطوال عقود الثمانينيات والتسعينيات وحتى العقد الأول للقرن الحالي، تحدث خبراء الاستثمار والقانونيون في المؤسسة الدولية التي ينتمي إليها عن شيء عجيب يحدث في مصر، محور ارتكازه عصابات من ذوي الياقات المنشاة، والقفازات البيضاء، أضلاعها مسؤول كبير.. كبير، ونجل مسؤول أكبر، ومجموعة مسؤولين تنفيذيين كبار يستطيعون «تسيير المراكب الواقفة – وإيقاف المراكب السايرة» - على حد وصفه – ثم «نصاب» في ثياب مستثمر «دسم».
.. بدأ الأمر بالإصرار على عدم عرض العقود التي تبرمها جهات في الدولة مع مستثمرين على مجلس الدولة وهيئة قضايا الدولة، والاكتفاء بصياغة ومراجعة الادارة القانونية داخل الجهة الموقعة للعقد، والنتيجة عقود لا تحمي حقوق الدولة، وبها ثغرات قانونية وضعت خصيصا لصالح «المستثمر – النصاب».
.. الخطوة الثانية اتفاق بين «أطراف العصابة» على ان يتقدم المستثمر بمشروع تتم الموافقة عليه «رسميا» ويمتلئ ملفه بأختام النسر وتوقيعات كبار المسؤولين، في مسرحية «محبوكة» الفصول، تنتهي، برفض الدولة للمشروع، وسحبه من المستثمر، الذي يسارع بحمل ملف الموافقات وقرار سحب المشروع، والارتماء على اعتاب مراكز التحكيم الدولية، وخاصة ذاك التابع للبنك الدولي، وطبعا مع عقد مليء بالثغرات، وقرارات معدة بحرفية يحصل على تعويض «محترم» يتقاسمه أفراد العصابة، وتدفعه الحكومة المصرية،.. دون «وخزة» ضمير واحدة لمخرج المسرحية.. وأبطالها!
وطبعا لم يشكل مجلس الشعب الموقر لجانا.. ولم تسأل الحكومات الرشيدة المتعاقبة نفسها لماذا تخسر هيئة قضايا الدولة.. رغم ما تضمه من كفاءات وعقول وطنية – أغلب القضايا ضد المستثمرين؟
.. بالرغم من أن بعض المستثمرين يعرف حتى «المخبول وضعيف العقل»، أنه لا يملك أصلاً ما يؤهله لتنفيذ المشروع مالياً أو فنياً!!
ويصل الأمر كما قال أحد أساتذة القانون الدولي وخبراء التحكيم أن إحدى الشركات التي «ضربت» 15 مليون يورو تعويضاً من الحكومة المصرية رأسمالها  الحقيقي لا يتجاوز 1000 جنيه استرليني!!
ياريت العهد الجديد ينتبه إلى بقايا عصابات «الياقات البيضاء»!!
وحفظ الله مصر وشعبها من كل سوء.
 
حسام فتحي
twitter@hossamfathy66