طيب!!!

أبرياء.. ومندهشون

.. ولا أي اندهاشة.. لم أشك لحظة واحدة أن يكون الرئيس الاسبق حسني مبارك قد أصدر أمراً واضحاً وصريحاً بقتل المتظاهرين في ثورة يناير، كما لم يصل بي «الغباء» للاقتناع بأن مبارك أو أياً من مسؤوليه – حتى مستوى وكيل وزارة!! – قد تركوا «دليلاً واحداً» على مخالفتهم للقانون،.. ويخالفون القانون لماذا؟.. وهم من وضعوه وفصَّلوه على مقاس «أدائهم» وطموحاتهم.. وثقتهم في الشعب المصري «الطيب الكريم»!!
.. وللمرة الألف أقول لمن ينتظرون إدانة مبارك في «قتل» المتظاهرين، أو بيع الغاز لاسرائيل، أو سوء استغلال القصور الرئاسية.. أقول لهم: «سعيكم مشكور».. وفروا وقت الناس.. وأموال الدولة.. لما هو أكثر أهمية ولا تكونوا «أبرياء» لهذه الدرجة، ربما أكثر براءة من «البريء» مبارك، و«البريء» حبيب العادلي!!
.. ففي التهمة الأولى أنا شخصياً اقتنع تماماً بأن مبارك «الضابط بالجيش المصري».. لا يصدر أمراً بقتل المتظاهرين المصريين.
وفي التهمة الثانية «أوقن» يقيناً أن «الأمر قانوني» والأوراق «متستفة» تستيفاً عبقرياً يليق برئيس وصديقه!
أما «البريء» حبيب العادلي ومساعدوه، فالحكاية ابسط من ذلك بكثير.. وحلها سهل: لا بد أن نتفق على من توجه إليه الاتهامات بقتل الثوار.. هل هم الإخوان وتابعوهم ومساعدوهم؟.. أم الشرطة والعادلي ورجاله؟ وإذا افترضنا – جدلاً  - أن الاتهام موجه للشرطة، أي العادلي ورجاله، فما فعلناه هو أن النيابة طلبت منهم تسليم أدلة ادانتهم حتى تطالب باعدامهم!!
.. أرأيتم.. ولا أي اندهاشة.. بل الاندهاش هو من اندهاش المندهشين من البراءة!!
.. أيها الشعب «الطيب الكريم»، مازلتم تنتظرون ادانة نظام سياسي.. «جنائياً»، وستنتظرون كثيراً.. وتندهشون حتى تفغروا الأفواه من الدهشة.. وللأسف «فات الميعاد» للمطالبة بأن تكون هناك محاكمات سياسية لرموز عهد الفساد والافساد السياسي، وكل القضايا التي ستنظر «جنائياً» ستجد نفس المصير، وتزيد دهشتكم حتى تصل حد السذاجة.. ولن أقول أكثر من ذلك تأدباً عند مخاطبة قطاع كبير من شعبنا «الطيب.. الكريم»!!
أيها الشعب «الطيب الكريم».. «كان» ينبغي عدم محاكمة الفاسدين بقواعدهم وقوانينهم، و«كان» يجب تفعيل «المحاكمات السياسية» أو قانون «الغدر» أو أيا كان ما تسمونه منذ البداية، المهم المحاسبة على الفشل والفساد السياسي، فالثورة لم تقم بسبب قتل «الثائرين»!!.. المصريون الذين ماتوا خلال الثورة هم بالتأكيد لم ينتحروا.. أو يصيبوا أعينهم بالخرطوش خطأ وهم يصطادون العصافير؟.. فابحثوا عن القتلة ومن أمروهم وحاكموهم.
أما «عصر مبارك» فيجب محاكمته على «كل الجرائم» التي اوصلت المصريين الى ما هم فيه الآن: الفقر – المرض – ارتفاع نسبة الأمية – انخفاض جودة التعليم – تراجع الاحساس بالوطنية – انتشار التطرف – التخلف عن ركب الدول المتقدمة – زيادة البطالة – انحسار الدور السياسي الاقليمي.. وغيرها العشرات من «الجرائم» غير الجنائية.
بت ازداد اقتناعا بأننا شعب شديد «الطيبة والكرم» قام بثورة شديدة «التحضر» والاحترام.. فسرقها منه أناس شديدو «الخبث».. عاقبهم الله بذنوبنا..
.. أقول لمبارك والعادلي ورجاله – مبروك البراءة.. وللمصريين.. تعيشوا وتاخدوا غيرها!!
وحفظ الله مصر وشعبها من كل سوء.

حسام فتحي
hossam@alwatan.com.kw
twitter@hossamfathy66