طيب!!!

سيناء.. مقبرتهم

.. لم أسع لمشاهدة الفيديو الذي بثه مجرمو ما يطلق عليه زوراً وتمسحاً «أنصار بيت المقدس»، للاعتداء الآثم على جنودنا في «كرم القواديس»، حتى فوجئت بأحد الزملاء وقد أرسله لي، فدفعني فضول الصحفي لمشاهدته، لم أجد سوى «غثاء»، ومونتاج رديء، وتمسح قميء وممجوج بأهازيج إسلامية، وإجهاز على جنود جرحى، نحتسبهم عند الله شهداء،.. لم أستطع إكمال المشاهدة، غير أن ما راعني هو «الشماتة» التي امتلأت بها تعليقات بعض فارغي العقول، ومعتلي القلوب، وفاقدي الحس، ومعوجي المنطق.
.. ولم تمر أيام حتى وقعت «موقعة» دمياط البحرية، والتي لم يصدر عنها سوى بيان رسمي مبدئي يوضح إصابة خمسة جنود، وفقد 8 – نحتسبهم عند الله شهداء – وأسر 32 إرهابياً يجري التحقيق معهم، وقتل عدد مقارب من المهاجمين، والذي أعقبه أيضا إذاعة «أكاذيب» حول «أسر» الإرهابيين للجنود الثمانية، والعودة بهم!!.
.. ما يحدث يؤكد يوما بعد يوم ان ما تخوضه مصر هو «حرب» حقيقية وكاملة ضد جماعات إرهابية عالية التدريب، تدعمها أجهزة مخابرات دول تتعارض مصالحها السياسية والاقتصادية مع مصالح مصر،.. ومن قناعتي بثوابت العقيدة العسكرية المصرية، استبعد تماماً أكاذيب «أسر» الجنود، ففي الحرب.. «إما قاتل للعدو أو شهيد».
.. وإذا كان الهدف من «بث» هذه الفيديوهات «الممنتجة»، ذات المحتوى الصادم هو بث الرعب في قلوب جنود جيش مصر، فللأسف من فعل ذلك غبي، لا علاقة له بالإعلام، فالرسالة التي تصل لأبسط جندي هي: ان هذه الجماعات لا دين لأعضائها، يجهز قاتلوها على الجرحى، الأمر الذي يزيد الجنود إصراراً وعزيمة للأخذ بثأر إخوانهم وزملائهم، واليقين أن القتال وحده والقتال حتى «الرمق الأخير» فقط هو ما سيشفي غليل الضباط والجنود.
.. ثم إن هذه «الوحشية» التي يريد الإرهابيون أن يبثوا بها الرعب في القلوب، لم تحقق سوى بث مشاعر القرف والضيق والسخط عليهم، وزيادة التعاطف والتأييد لـ«كل» ما يفعله وسيفعله الأمن والجيش المصري بهم وفيهم، وتبرير البسطاء من الناس: «وكيف تلوم الجيش على مواجهته الشرسة لهم، وهم يعتدون على أفراده «العزل» العائدين الى بيوتهم في اجازاتهم، فينزلونهم من وسائل النقل المدنية ويطلقون الرصاص عليهم».
منذ عشرات السنين، ومع صعود عنف الإسلام السياسي، وجميع العقلاء يؤكدون أن العنف يولد العنف، والأفعال تولد الأفعال المضادة، ولا حياة لمن تنادي.
واليوم يستهدف الإسلام السياسي في أسوأ صوره أو ما يعرف بتنظيم الدولة الاسلامية (داعش) ارض سيناء، مستخدمين أسوأ الأساليب متسربلين بعباءة الدين، وهو منهم براء، ويعتقدون أن سيناء هي «أرض ميعادهم» السهلة المنال، والتي زرعوا في رمالها بذور شرهم منذ عقود، لكن الله يحفظ مصر منهم وستكون رمال سيناء هي مثوى جيفهم الأخير، وستشهد صخورها ووديانها وجبالها نهايتهم كما شهدت نهاية طغاة فاقوهم ظلماً.. وعدواناً.. واقرأوا التاريخ.
.. وحفظ الله مصر وشعبها من كل سوء.

حسام فتحي
hossam@alwatan.com.kw
twitter@hossamfathy66