طيب!!!
 
رسالة.. «الجبان»
 
.. أول من يمتنع عن الدخول لبلد غير مستقر.. وأول من يهرب مع أول شرارة عدم استقرار.. وآخر من يفكر في الاقتراب من المخاطر.. والوحيد الذي يعترف.. ويقر.. بل ويرضى بإطلاق لقب «جبان» عليه..
 انه «رأس المال».. لا اقصد كتاب «كارل ماركس» الشهير، ولا موجز «فردريك آنجلز»،.. كما لا اعني ايضا مصطلحات مثل رأس المال البشري – أو الاجتماعي -،.. وغيرهما من المصطلحات المركبة التي تثير اللبس والاختلاف.. بل ببساطة ووضوح اعني الكلمة في معناها البسيط «CAPITAL»،.. وتحديدا الأموال التي يضخها المستثمرون في بلد ما أو إلى دولة بعينها بهدف تحقيق الارباح المالية بشكل اساسي وواضح.
 «رأس المال».. «الجبان» هذا، ارسل بالأمس رسالة واضحة وصريحة تؤكد ان مصر على الطريق الصحيح بالرغم من كل العوائق والمصاعب والعقبات التي نراها ونلمسها ونصطدم بها كل ساعة.
 170 مستثمراً أمريكياً، يمثلون 70 شركة عالمية كبرى جاؤوا إلى مصر، بينها شركات رؤوس أموالها تتجاوز ممتلكات وأصول بلاد «حرة مستقلة»،.. وتتعدى استثمارات الواحدة منها ميزانيات «دول ذات سيادة»، وتتخطى أرباح أصغرها حجماً الناتج القومي الإجمالي لممالك وإمارات تمتلك كرسياً في الأمم المتحدة!!
 «إكسون موبيل، جنرال اليكتريك، بيبسكو، أباتشي، بكتل، بوينج»… شركات يتمتع رؤساؤها ومديروها التنفيذيون بنفوذ يفوق أحياناً نفوذ «سيد» البيت الأبيض شخصياً،.. بل غالباً ما تتحكم مصالحها في وضع خريطة السياسة الخارجية للولايات المتحدة،.. هؤلاء المستثمرون الـ170 قطعوا أكثر من 10 آلاف كيلومتر ليصلوا إلى «مصر» المحروسة ويستمعوا إلى رؤى وأفكار وتطمينات وتوضيحات كبار المسؤولين في قاهرة المعز،.. وليتعرفوا وجها لوجه على صانعي القرارات الاقتصادية في المرحلة الحرجة التي نمر بها، ويتأكدوا بأنفسهم من توجهات صناع وقادة مسيرة التنمية في أكبر
  سوق عربي وأفريقي وشرق أوسطي… مصر.
 مجرد زيارة وفد الـ170 مستثمرا، هي رسالة واضحة بأن السوق المصري مازال مهما وواعدا للاستثمار،.. وأن الاقتصاد المصري ربما يكون مريضا.. لكنه قادر على الشفاء والعودة الى حلبة «صراع الاقتصادات» في المنطقة، واحتلال المكان والمكانة اللذين يليقان بدولة بحجم مصر، بالرغم من علمهم بعجز الموازنة المزعج البالغ %12، والعجز التجاري الذي يقترب من 37 مليار دولار، وحاجة مصر «الماسة» الى خطط عاجلة، ودواءات شديدة المرارة، وعلاجات مؤلمة، ومعارك طاحنة لتحسين المنتوجات الزراعية والصناعية، وفتح أسواق تصديرية جديدة، وحلول ناجعة لأزمة البطالة، وإسراع
  بدعم المشروعات الصغيرة، والمتوسطة وشباب الخريجين.
 بالإضافة طبعا للإسراع بإظهار أي «كرامات» للتخلص من أمراضنا المزمنة بدءاً بالمرور والتعليم والصحة والإسكان وانتهاء بقوانين الاستثمار.
 المهم انهم جاؤوا إلينا.. وأصبح واجبنا أن نقنعهم بأن يعودوا لبلادهم.. ويرسلوا استثماراتهم.. ويا رب ننجح!!.
 وحفظ الله مصر وشعبها من كل سوء.
 
حسام فتحي
 hossam@alwatan.com.kw
 twitter@hossamfathy66