الثوار .. ان حكموا!! بقلم : محمود الشربيني
-------------------------------------------------------
ق ب ل ا ن ن ق ر أ: يدعي الكثيرون الحكمه باثر رجعي .. " شهوة " هذا الادعاء لدي هؤلاء لاتقل في جموحها عن "شهوة"الجنس ، و" شره " الحصول علي السلطه والنفوذ والثروه .. انها " رغبه " عارمه تجتاح كيانهم ،حتي ان عدم التسليم لهم بانهم يعرفون كل شيء .." يهيج" نفوسهم ويؤذي مشاعرهم ،و يعدونه انتقاصا من قدرهم.. فكيف لايكونون حكماء ومنهم من قرأوا الكثير من الكتب ، اوحصلوا علي الدرجات العلميه ربما مقرونة بمراتب الشرف، او تظاهروا كثيرا دون وجل او خوف، ضد نظام الاستبداد والقمع، ومنهم ايضا من ملأوا الفضائيات باحاديثهم عن اسقاط امن الدوله، وخوض "المعارك" في الميادين والشوارع، ضد حكم " العسكر(يين)، منذ اندلاع فوران يناير العظيم ،وحتي موجة غضب 30 يونيو وفورانها الاخطر ،و الذي اسقط الاخوان المفسدين عن عرش مصر .
*********************************
-ينعي هؤلاء علي ثورة يناير العظيمه انها كانت بلا قياده، وان الثوار لم يحكموا بعد اسقاط نظام مبارك ( في الحقيقه سقط مبارك وعدد من اركان حكمه فقط!).. وكأن الثوار لو حكموا كانت الاوضاع ستتغير نحو الافضل وسيعاد بناء مصر دوله شبابيه حديثه علي اسس عصريه ..فماذا لوحكم الثوار فعلا؟ دعونا من الثوار الذين كانوا وقودا لغيرهم ..سواء الذين حشدوا والذين تصدوا بصدورهم العاريه للمدرعات ووقفوا امامها في تحد وشجاعه، لايبالون ان دهستهم ونثرت دماءهم مخضبة اسفلت الميادين.. دعونا من الثوار الذين صمدوا في وجه الضربات العنيفه .. للجنود تارة وللاخوان تارة ولانصار الحزن الوطني تارة اخري.. دعونا من الذين كانوا يهتفون بصدق وهم يطلقون نداءهم الاثير " يااهالينا انضموا لينا ، ومن فرط صدقهم والتوحد الشعبي معهم نزل الملايين من المواطنين ليحتشدوا في الميادين ثمانية عشر يوما كامله .. حتي اجبروا الرئيس- المخلوع- علي التنحي.. دعونا من كل هؤلاء .. فهؤلاء ليسوا هم الذين تحكموا في مسارات الثوره .. بل تحكم فيها آخرون .. كانوا علي وقع الاحتشاد يتركون الميدان ويذهبون لقضاء " احتياجات الثوره".. كاحتياجاتها الاعلاميه مثلا.. فبينما كان الميدان يمتليء بالملايين من البسطاء والغاضبين والحالمين بالعيش والحريه والكرامه الانسانيه .. الذين يرفضون مغادرة الميادين ،مصرين علي الا تفتر عزائمهم تحت اي ظرف.. لا يتأثرون بالجوع ولا بالمرض ولا بالحراره او البروده الشديده في طقس متغير بلا رحمه، ولا تخيفهم اصابه داميه، اوانعدام " نظافه شخصيه" كالاستحمام وقضاء الحاجه، والافتقاد الي النوم والراحه .. بينما كانت الملايين تتحدي الظروف القاسيه المواكبه لاندلاع الثوره .. كان نفر من "حكماء" و"حكام"الميدان يذهبون الي الاعلام ، يتحدثون باسم هذه الملايين! ولم لا ..فالشيء الوحيد في مصر الذي لاتفرض عليه الجمارك او ضريبة المبيعات هو الكلام وادعاء الحكمه والتحدث باسم الشعب..كان هولاء يذهبون الي الاعلام ، لكن الغريب انهم كانوا دوما "جاهزين" للوقوف امام الكاميرات ! هندامهم انيق وشعرهم مشذب وملابسهم - حتي الكاجوال منها-تبدو وكانها " اللي عالحبل" والمخصصه لحضور المناسبات ! يبدون كالنجوم مع انهم يقولون انهم قدموا من الميادين ! حتي لحاهم "الكثه" او " السكسوكه" تبدو وكانها خرجت من تحت ايدي حلاق ماهر للتو.. لاتري ملابس مغبره او " غير مكويه".. لاتري تطبيقا عمليا للافتة ( ارحل بقي عايز استحمي)!
-تري كيف حدث ذلك ؟هل جاءوا من بيوتهم ام من الميدان فعلا؟ ايكون الميدان مثل مقهي يحتسون عليه الشاي والنسكافيه؟ وهي رفاهية لم تكن تتحقق لهم الا ايام الاعتصامات حيث كان الباعه الجائلون يحولون الميادين الي مايشبه المول او السوق الشعبي .. تجد فيه الكوفيه الي جانب العلم وصور جيفارا الي جانب النظارات والدبابيس والسميط والجبنه!
هل كان هؤلاء يتركون هواتفهم مع " المعدين"..فيتصلون بالجاهزين منهم ، لمليء الفراغ في فترات توقف الاحداث ؟ فياتون ليستلوا سيوف الكلام من الظهيره وحتي المساء؟هل كان هؤلاء ثوارا يصنعون الثوره في الميادين فعلا؟واي دور لهم في الثوره اذن اذا كانوا لايفعلون شيئا سوي الاقامه في الميدان ،والحديث الي الفضائيات، فغيرهم كان يحمي الميدان، وغيرهم ياتي بالطعام والشراب ،وغيرهم يخيط الجروح ويعالج الاصابات، وينقل الجثث ويصلي عليها ويذهب لدفنها ويكرم بطولاتها ويوثقها بالجرافيتي ؟ حتي البوسترات لم يطبعها هولاء علي تي شيرتاتهم .. فالرموز الثوريه لاتفعل ذلك ،ولكنهم يفضلون قضاء حاجات الثوره الاعلاميه!
بعضهم كان يكتب مقالات عن الحريه والديمقراطيه وحقوق الانسان .. مع انهم ليسوا ديمقراطيين حقا وصدقا .. انظر مثلا الي شخص مثل وائل عباس .. تحاوره فيرد عليك ببذاءه .. تختلف معه فيحذفك ان كنت صديقه ويعمل لك " بلوك" ان حاولت الاستمرار في نقده!
تخيلوا معي سيناريو الحكم علي ضوء نجوم الثوره الذين لمعوا بينما خبا نجم نجومها الحقيقيين.. وهم كل اطياف الوطن المصري.. تخيلوا معي ماذا لوحكم شخص مثل المدعو وائل عباس هذا ؟ ماذا لو ارتقي الي سدة الحكم ؟ في هذه الحاله سوف يصدر-مدعي الديمقراطيه هذا- قرارا باغلاق جميع المدونات .. وسيلقي بكل البلوغرز في السجون؟ ماذا لو حكمت اسماء محفوظ؟ بل لنقل انها يمكن ان توزر، فماذا لو اصبحت وزيره لوزارة الداخليه باعتبارها ام القضايا التي تهتم بها وتتفاني في تعقب مساوئها.. اعتقد ان اول قرار لها سيكون اعادة هيكلة وزارة الداخليه .. لابأس.. ولكن مالذي سيحدث؟ ستفعل مثلما فعل السادات وتذهب ومعها الكاميرات وفي يدها "إزميل" وتهدم ابواب مجمع سجون طره .. ثم تذهب- برفقة سوكه بطبيعة الحال- لتفعل الشيء نفسه و تهدم مقر امن الدوله.. ولكن بعد ان تسمح ل" سوكه" بالبحث في اضابير الجهاز ليحصل علي ملفها وملف كل من يهمها امر ملفاتهم !
ماذا سيحدث لو حكم علاء عبد الفتاح ؟ سيقود مدرعه الي مبني وزارة الدفاع ليدمره ويعلن من هناك نبأ حل الجيش واسقاط حكم العسكر، ثم يستدير عائدا نحو السجون فيطلق السجناء من جماعة الاخوان حتي قبل انصاره من الليبراليين قائلا للجميع: اذهبوا فانتم الطلقاء.. بعدها يذهب الي الاتحاديه مع الرفاق ليعلن اسقاط قانون التظاهر الحالي واعلان قانون اخر جديد للتظاهر ايضا!
ماذا لوحكم احمد دومه؟
لو حكم احمد دومه فلن يكون هناك ادني مشكله فلماذا التظاهر الان .. ده حتي يبقي عيب في وجود الرئيس علاء عبد الفتاح!
فماذا لوحكم محمد البرادعي؟
في آخر محاضره له في الولايات المتحده الاميركيه قال محمد البرادعى، نائب رئيس الجمهورية السابق، إن مفتاح الحل فى مصر هو إقامة نظام يستوعب الجميع ويقوم على احترام القانون، مشيرا إلى أنه «مازال أمامنا طريق طويل نقطعه للوصول إلى هذا النظام». ودعا فى محاضرة له فى كلية الحقوق بنيويورك، الشعب المصرى إلى التوافق على قيم مشتركة، مضيفا أنه من الممكن الحصول على دستور بنكهة دينية وآخر بنكهة عسكرية ولكن ما نحتاجه فى مصر هو دستور يلتف الجميع حوله. وأضاف: أنه بعد 50 سنة من القمع لا يوجد شىء يمكن البناء عليه لأنه بدون أحزاب سياسية ومنظمات لحقوق الإنسان وإشراك حقيقى للناس فى قضايا بلدانهم ستغرق السفينة كما أراها تغرق الان، إما أن ننجح معا أو نفشل منفردين. وتابع: لا يمكن للناس ان تندمج فى شئون بلادها بدون تنظيم.. مضيفا «بعض دعاة المجتمع المدنى يحاكمون الآن بتهمة نشر الديمقراطية والحرية.. مازال أمامنا طريق طويل.. لا توجد رؤية.. لابد من التخلى عن سياسة الفوز الساحق والا سنذهب جميعنا الي الهاويه!
بعد ان قرأت: الدكتور البرادعي كان نائبا لرئيس الجمهوريه علي ايقاع اندلاع ثورة 30 يونيو ، لكنه آثر الانسحاب والاستقاله بعد فض اعتصام رابعه من دون ان يقول لنا كيف كان يمكن فض الاعتصام المسلح من دون ضحايا؟ ويتحدث للاميركيين عن دستور جديد " ثالث" ناسيا ان الدستور الحالي صوت عليه زهاء 25 مليون مصري.. ويقول انه بدون احزاب سياسيه ومنظمات مجتمع مدني فان السفينه ستغرق .. فهل قال احد للدكتور البرادعي ان مصر اغلقت احزاب الوفد والتجمع والمصريين الاحرار ووسرحت المجلس القومي لحقوق الانسان واغلقت منظمات جمال عيد ونجاد البرعي وناصر امين وغيرهم بالضبه والمفتاح؟!