ثورة اخوان.. "السيده العجوز"! بقلم محمود الشربيني
---------------------------------------------------------
قبل ان تقرأ:بينما كان الرئيس السيسي يهتف من فوق منصة الامم المتحده "تحيا مصر" شعر الشعب المصري كله بالزهو..لكن " السيده العجوز"- الصحيفه الاميركيه وليس النادي الطلياني الاشهر- لم تشعر بذلك ولم تشاطرنا الشعور نفسه بل كان لها احساس مختلف بالامر!
*************************************************
والسيده العجوز هذه لم تكن سوي صحيفة " النيويورك تايمز" أعرق الصحف الاميركيه واقواها نفوذا وتأثيرا..علي دوائر صنع القرار الاميركي..والتي قالت كلمة اخري وهتفت هتافا آخر ،ليس من علي منصة الامم المتحده هذه المره، وانما من علي منصة الراي العام الاميركي ،الذي ينصت اليها ويستجيب لتوجهاتها ويستقي منها انحيازاته ومواقفه، كما يؤكد العارفون ببواطن الامور والقريبون من الدوائر الاعلاميه الغربيه والاميركيه، بحكم اقامتهم الطويله في اوربا والولايات المتحده.
هتاف "السيده العجوز او النيويورك تايمز هذه المره جاء بعد ان تراءي للقاصي والداني ان مصر باغتت الاميركيين واستعدت جيدا لزيارة الرئيس السيسي لاميركا لالقاء اول كلمه له من علي منصة الامم المتحده .. والتي توجت بلقاء بين الرئيس الاميركي والرئيس المصري ،ولم تكن مقرره سلفا علي جدول الاعمال ولم تكن مرتبه باي حال من الاحوال.. وتقرر في اثرها" الافراج" عن الطائرات الاباتشي العشر " الحبيسه" في المدارج الاميركيه!
دعت النيويورك تايمز في افتتاحيته المثيره والصادمه -في نفس الوقت -يوم الجمعه الماضيه 
 الإدارة الأمريكية إلى وقف ربط المساعدات العسكرية المقدمة لمصر، التي تبلغ 1.3 مليار دولار سنويا، فقط باستمرارها في معاهدة السلام مع إسرائيل! بحيث يتم ربطها بشروط وطلبات اخري ،تخدم اغراض " اخوان الارهاب" ومن يشايعونهم الان من " رفاق فوران يناير 2011" بهدف اسقاط مايزعمون انه " حكم العسكر"
- قالت النيويورك تايمز في مقال لهيئة تحريرها  إنه "بعد تولي عبد الفتاح السيسي للسلطة عقب "انقلاب عسكري" في  3 يوليو 2013، عادت مصر إلى طريق الاستبداد بسجن المعارضين السياسيين، وإسكات المنتقدين، وتشويه الإسلاميين السلميين".
وقالت ايضا  إن قادة جماعة الإخوان المسلمين ( تصفها الصحيفه العجوز فيما يبدو سنا ومقاما)  بأنها "الحركة السياسية القائدة في أعقاب انتفاضة 2011"، يعانون في السجن، "ويصنفون كإرهابيين دون وجه حق".
  واضافت تقول:  "القمع الاستبدادي في مصر من شأنه أن يقنع عددا كبيرا من مواطنيها بأن العنف هو الوسيلة الوحيدة لرد العدوان، في الوقت الذي تسعى فيه الولايات المتحدة لعزل الجماعة الإرهابية المعروفة باسم "تنظيم الدولة الإسلامية".
وطبقا للصحيفه ايضا فان الرئيس السيسي في حديثه  أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة "ادعى"  أنه سيبني مصر الجديدة التي تحترم الحقوق والحريات، مستطردة بقولها انه "يعتقد أن بقية العالم لم تلاحظ أنه جاء للسلطة عبر انتخابات مزورة".
وقالت الصحيفة إنه أمام الإدارة الأمريكية فرصة لتصحيح موقف مسؤوليها، الذين "يتحفظون في انتقادهم لمصر ويعتبرونها حليفة، ويثمنون أهمية قناة السويس لعبور الأسطول الأمريكي، وإتاحة المجال الجوي لمصر".
ودعت نيويورك تايمز إلى إيقاف نظام تفضيلي خاص بطلبات الجيش المصري يشبه عملية شراء بالأجل، يسمح بتقديم طلبيات معدات عسكرية بافتراض أن الكونجرس سيقوم بتخصيص التمويل اللازم لها لاحقا.وطالبت  وزير الخارجية جون كيري بأن يقول، في شهادة مقررة له أمام الكونجرس بالقول "إن مصر لا تسير على طريق الديمقراطية.. وان يكون تغيير ذلك النهج شرطا لاستئناف مساعدات معلقه"
واكدت إن الإخفاق في تقديم مثل هذه الشهادة قبل نهاية العام سيكون من شأنه وقف تسليم ما تبلغ قيمته 650$ من الدبابات والطائرات المقاتلة، وأن "الإجابة الوحيدة المقبولة من كيري هي: لا".
وترى الصحيفة إن مصر "تقدر المعدات الأمريكية العسكرية، وأن استئناف التعاون من مصلحة البلدين، ومسؤولية ذلك تقع على عاتق مصر".
-كيف الحال الان؟ وماذا عن احساسنا بالزهو والفخار بعد نجاح زيارة السيسي؟ اغلب الظن ان قلائل فقط شعروا بصدمة افتتاحية " السيده العجوز".. ومنهم بالطبع الدكتور مأمون فندي الذي توقع امرين : الاول ان يقول المحيطون للرئيس لاتلق بالا لهم فهولاء غير مؤثرين ، مع ان هذه الصحيفه هي الاعرق والاكثر تاثيرا في المجتمع الاميركي وعلي دوائر صنع القرار هناك، وانهم سيتجاهلون الامر تماما وكأن شيئا لم يحدث وكأن افتتاحية صادمة وخطيرة كهذه لم تكتب ! والمؤسف ان ظاهر الامور يقول لنا ان هذا هو ماحدث بالفعل!
فلم نقرأ بيانا مصريا يبين لنا كيف سنرد علي هذه المحاولات المحمومه للنيل من التغيير الجذري  في مصر والذي حدث في اعقاب فوران الثلاثين من يونيو ومااعقبه من " اختيارات شعبيه"..اوحتي كيف سنعمل علي تغيير هذه الصوره المسئه الي شعب مصر واختياراته الديمقراطيه.
-لكن السؤال الذي يطرح نفسه بقوه الان هو من اين تستقي" السيده العجوز" اخبارها ومن اي مصادر  ومن هم المزودين  لها بهذه المعلومات ؟ بل ولماذا لا يصل صوت للغالبيه العظمي من الشعب المصري الي الاعلام الاميركي؟ لماذا وكيف تترك الساحه ل" اخوان وثوار" يستخدمون الان وبكل قوه واصرار  وسائل التواصل المعروفه كافة، لخداع الراي العام الاميركي والدولي، حتي ان النيويورك تايمز راحت تعبر عنهم "وعن الذين ينددون بحكم العسكر ويطالبون بسقوطه ، وينفون شرعية نظام  ،جاء عبر دستور وانتخابات شهد لها العالم وتصفها بانها جاءت عبر "انتخابات مزوره"؟!
هكذا تتحدث " السيده العجوز" بلسان الاخوان وبلسان بعض الثوار ، الذين لم يعودوا  يرون مثلنا ان" الاستعمار في الامريكان"( كما كان الهتاف مزمجرا  في الميدان ،او حتي كما كنا نقول  كنا نهتف" زمان"!..بلا حياء يتواصل هؤلاء الان مع الاعلام الاميركي ،متجاهلين ان مطالبهم الضيقه في اطار الصراع مع السلطه القائمه انما هو امر مؤقت، وان الصراع مع القوه الاستعماريه الاميركيه، ممثلا في ادارات اميركيه متعاقبه ومستمره في عدائها لكل ماهو عربي ،  وداعمه لكل ماهو اسرائيلي،ولكل ماهو مرسخ للاحتلال الصهيوني  ، ولاستمرار سياسات الهيمنه والتبعيه.. هو صراع  ابدي!
 انهم  ينقلون المعركه من الساحه الداخليه للساحه الدوليه باسم الديمقراطيه وحقوق الانسان، فتنبري لها اميركا واوربا وكانها واحات للديمقراطيه، فلا تمييز عنصري ولا اهدار لحقوق السود والاقليات ، وكأن الاميركان هم آلهة  الخير الذي ينثرون الزهور وسنابل القمح  في ارجاء المعموره، وكأنهم  ليسوا وراء انشاء القاعده و جبهة النصره وتنطيم داعش! 
نسي هؤلاء ( اخوان - ثوار) او تناسوا الاسئله الصعبه:  لماذا يصم الاميركيين والاوربيين آذانهم الان عما كانوا يسمونه حقوق وحماية الاقليات ؟ فمما يلفت الانتباه ان احدا لم يهتم بحوادث العنف الطائفي التي وقعت بالجمله  في عهد ( الحكومه الاخوانيه الاسلاميه!) علي الرغم من انه كان يبدو ان الضغط علي هكذا حكومه سيكون اكبر مماكان يجري ايام " مبارك" !! ولانه لن يكون مناسبا الان  ايلاء حوادث العنف الطائفي التي تقع بشكل متفرق في الوقت الحالي، فانهم لا يستخدمون هذه الاوراق حاليا!! كانوا يرهبون الاداره المصريه  في الماضي بكل سطر ينشرونه في مايسمي ب" تقرير الحقوق والاقليات الدينيه في مصر"؟ فلماذا لم تعد ترفع  هذه الورقه الان ؟ هل تغيرت الاوضاع المزريه التي يعيشها هؤلاء ؟ فماذا عن المشكلات التي ثارت في الاونه الاخيره ولانريد ان ننكأ جراحنا مجددا ؟
بعد ان قرات: مخجل ان يتحالف بعض رفاق "فوران" يناير العظيم مع" الاخوان " المفسدين  علي اي نحو .. مفجع الا يتركوا بينهم وبين هؤلاء  " مسافه" بل ومسافه كبيره .. حتي لوكانت المسافات بينهم وبين الدوله اكبر .. فالتجربه- والفعل- تقول ان الاخوان لاتعنيهم حضاره او تاريخ او جغرافيا او وطن،فكل هذا عندهم وثن .. فكيف تسقطون معهم في مستنقع العفن!