رساله .. الي صديق معتقل! بقلم : محمود الشربيني
بعد ان تقرأ حتما سوف تكتشف انني لست خائنا لك او لست وفيا لصداقتك .. او انني خذلتك وطعنتك طعنة نجلاء في ظهرك ، بعدم مساندتك وانت في محنتك.. او انني تنكرت لكل مافعلناه معا انت وانا وكل المصريين الشرفاء في الشوارع والميادين ،عندما بزغ فجر يناير وفورانه الدافق .. او انني تركتك وحدك تدفع ماتتصور انه ثمن نضالك ووفائك لمبادئك ،ببقائك وحيدا في زنزاتك ، تصارع الحياه والموت ، باختيارك وارادتك ، لانك اضربت عن الطعام احتجاجا علي قانون تظاهر تراه معيبا، بينما انا واسرتي الصغيره ناكل ونشرب وننام ونمرح ونلعب .. ويشغلنا عن هذا القانون قوانين اخري اكثر "اعابه"..ففي نهاية المطاف الحياه مواقف واختيارات!
******************************
اخترت ان تتجاهل مخاوفي وقلقي ، بل وذعري من تفتيت وتقسيم بلادي، واكتوائها بنير التطرف والارهاب ، فقد ارتديت مسوح الثوار، وذهبت في مسارك الثوري "الرومانسي".. جميل هذا الشعور.. فهو يضفي عليك القا وتالقا ويمنحك بريقا بين بعض خلانك واصفيائك .. الذين يرون نفس رؤيتك.. ان الدوله عفنه وانها يجب ان تقع ويجب ان تسقط ويجب ان يعاد بناؤها من جديد ..
ياصديقي الثوري الرومانسي من قال لك انني ضدك. من قال انني لست معك .. بل علي العكس انت الذي لست معي انا والملايين غيري .. فانت منذ ان اخترنا الشر المستطير "مرسي"لم تعد تغادر غرفتك.. وكأن مهمتك انتهت،وحينما انتفضنا للخلاص من هذا " الخراب " وهذا " الخطر".. اخترت مغادرة " ابتعادك" و" عزلتك"و تعود الي "ميدانك"..تظن انك ستبقي "ابوالفوارس" .. وتتصور انك ستبقي فيه خالدا الي آخر حياتك.. تسعي الي اسقاط " السيسي" وال" عسكر"..لانك تري في عزل مرسي عدوانا علي شرعية رئيس منتخب!
انت -اذن- الذي لست معي .. فعدم مغادرتك الميدان للتجول في الشوارع والاحتكاك بالناس عزلك عن مشاعرهم ، عن مخاوفهم عن افتراس القلق لهم .. انهم يجدون في اثر الحياه بحثا عن طعام يطعموا به انفسهم واولادهم ..وعن كساء يسترون به اجسادهم ودواء يطببون به عللهم ..وفوق هذا وذاك" امن" ينعمون به في حياتهم .. فيخيل الي انك لم تعش شعورهم وهم مذعورون من استيقافهم في الطريق العام ..بينما الشمس تحرق كبد النهار .. ولااحد هناك يمنع اذاها ، لاهي ولا اذي قاطعي الطريق وسارقي الفرح من عيون الناس، وسالبي الاموال والممتلكات تحت تاثير البانجو و السلاح! هل خضت هذا الاحساس؟ بالرعب ؟ بالخوف ؟ ربما انت ب" قلب اسد" لكن ماذا تفعل ياقلب الاسد اذا خرج عليك اللصوص انت وزوجتك الشابه التي لم تفرح بك كثيرا منذ العرس .. ف" دوما" كنت تخرج من شارع الي ميدان ومن نضال الي نضال .. من التحرير الي عبد المنعم رياض ومن عبد المنعم رياض الي مصطفي كامل ومنهم الي ميدان الفلكي ، وصولا الي" المجمع العلمي" ( اتتذكر احتراقه!؟)مرورا بمحمد محمود حيث يدق النفير العام في قلبك وفي قلب بعض اخوتك ، ممن يستاسدون ثم في نهاية المطاف يستغيثون ويبكون صغارهم الذين لم يعودوا يلعبون معهم في البانيو او حمام السباحه؟
خرجت من محمد محمود الي شارع مجلس الوزراء.. وفي كل هذه الميادين والشوارع ومنذ التاسع من مارس كنا معك و الي جانبك .. لكنك فيما بعد.. كثيرا ماخلطت الامور.. فمن قال لك اننا نريد اسقاط دولتنا حتي نعيد بناءها علي طريقتك؟ اتري ان فعلنا سيتبقي لنا منها شيء ؟ هل " سيبقون " لنا منها شيئا ؟ كنت في ماسيبرو انت وهو وهي، وكنا هناك ايضا .. لكن بينما كان احدكم يفكر في مواجهة الجيش ويعتبره العدو الذي يجب محاربته كنا نري عكس ذلك .. وان كنا ضد القمع والتعذيب واهدار حقوق الانسان ..وضغطت وضغطت بكل ماتملك من اساليب وكلمات وشعارت واهانات واتهامات لتستبيح دم الجنود ، بزعم انك وطني تريد القصاص وتريد العدل وتريد العيش وتريد الحريه .. فكيف بسقوط الجيش تاتي الحريه ؟ بل تاتي الفوضي وتاتي الحرب الاهليه .. اراك تتطلع اليها .. ولذلك عندما ذهبت الي محمد محمود كنت تريد ان تحرق وزارة الطغيان .. وزارة الداخليه .. لم يهمك او يعنيك ان من بيننا من يحتاج الامان للعيال ومن يحتاجه ليشعر بالحياه ومن يريده ليمضي في مسيرة حياه اختارها لنفسه تاركا لك حرية اختياراتك ؟
من قال لك اننا ضدك ومن قال لك اننا لاتتقطع قلوبنا وانت بعيد عن زوجتك وان " سميك" بعيد عن صغيره وعن زوجته ؟ من قال اننا نستخف بنضالك اونفضل " عبادة البياده " علي معيشة الاحرار ؟ انت مخطيء صدقني .. فانت تري عكس مانراه حتما .. لقد خسرنا الامن والامان ذات يوم ومازلنا حتي الان نحاول ان نوهم انفسنا بانه استعيد ،لان حياتنا لابد ان تستمر لكنك تريدها ان تستمر وهي تفيض بالحريق والدمار ونسف كل معاقل القوه في الوطن، وتنسي ان ضرب معاقل القوه لن يكون في صالح فكرتك، فحينما تفعل فلن تجد احدا يحمي اسرتك او حياتك .. سياتي فورا من يرتع ويلعب ويستلب الوطن وساعتئذ لن تملك شيئا ابدا لانقاذ الوطن.
لم يقل احد ذلك ، بل نحن المصريين الذين سلبنا قطاع الطرق المال والممتلكات والاعراض في الطريق العام اكتشفنا ذلك بانفسنا .. ونحن - لا انت - الذين شاركنا بقوه وايجابيه في التغيير .. قلنا كلمتنا في الدستور.. وقلنا كلمتنا في الانتخابات الرئاسيه ، واخترنا الرئيس ، وانحزنا الي بقاء الدوله .. صحيح ان " آلية العمل لدي النظام فاسده لكن اصلاحها الواجب ممكن وممكن جدا ان ادخرنا الطاقات وانتقلنا من مرحلة الفوره والثوره الي مرحلة البناء والتشييد .نعم قضاؤنا يفتقر بعضه الي النزاهه .. نعم ان التوريث مازال قائما والفساد مازال مستشريا، لكن ايضا ثمة متغيرات عليك ان تتاملها بقوه .. فهناك من يسعي بقوه لشق صف الوطن والتشهير بالجيش والشرطه ويتهم الداخليه بالعوده الي سياسات الاشتباه الكريهه، التي خلناها اصبحت من الماضي.. وهناك من يعمل بقوه علي ارهاب الدوله ويزعم ان النظام الحالي يجب نسفه بالديناميت ونحن نختلف معك تماما .. فلابد لنا من مجابهة الارهاب ، وياللعجب فانت تندد باستخدام الجيش للقوه في مواجهة المتطرفين الساعين الي انتزاع سيناء منا مجددا .. والمسلحين الذين يريدون ان يستخدموا صخورنا وتلالنا محميات طبيعيه لهم يحتمون بها من الجيش!
تصرخ وتستغيث وتدعي ان الحرب في سيناء فاشله وانها لم تطل سوي بيوت المواطنين ، تحرق منازلهم ومزارعهم وتاكل اخضرهم ويابسهم .. وتنسي انك بذلك انما تضرب وحدتنا الوطنيه وتعطي الذريعه للتدخل الدولي، مثلما تعطي الفرصه للاخوان في التشفي والتنديد بالجهد العسكري في حماية الوطن وسلامة اراضيه.
بعد ان قرأت: قدرنا نضالك ضد نظام مبارك وضد فساده .. وسقطت مصر فريسة للدمار والخراب والاخوان المفسدين وكان غريبا انك لم تناهضهم باي قدر ولم تسع لاسقاطهم معنا علي اي نحو .. لكن عندما انتفض الشعب كله ضدهم اخترت ان تتواري خلف استار معبدك وعزلتك وكان الامر لايعنيك .. لكنك انتفضت فقط حينما اقتربنا من ميدانك ، الذي كنت فيه يوما "ابو الفوارس"..خرجت علينا شاهرا غضبك ومستلا " تظاهرك" ..زاعقا في وجوهنا : يسقط يسقط حكم العسكر! فلماذا لم تزأر بندائك ايام حكم مرسي .. والعسكر في الشارع قبل حكمه واثناءه ؟
فقط انت لست تريد دوله عفيه لاتستطيع اسقاطها والوثوب عليها لكتكون مطية بين يديك .. لذا لاتهزني صرخاتك في زنزانتك .. ولا اتعاطف مع ابتزازك لي ولو استمررت في اضرابك حتي الموت .. فهذا اختيارك انت !