طيب!!!
 
ليه.. هو أنا هندي؟
 
.. قبل أيام.. مر علينا مرور الكرام خبر بسيط، يبدو وكأنه لا يعنينا في شيء، غير أنه «حرق دمي».. ورفع ضغطي، يقول الخبر:
«مؤسسة أبحاث الفضاء الهندية أعلنت عن نجاح بعثتها في دخول المريخ، لتصبح بذلك الدولة الأولى التي تنجح في دخول مدار الكوكب الأحمر من المرة الاولى، واول دولة آسيوية تنجح في ذلك».
وبلغت كلفة هذه البعثة 74 مليون دولار، وهو جزء بسيط من كلفة المركبة الفضائية الامريكية الى المريخ، والتي بلغت 671 مليون دولار.
تم اطلاق هذه المركبة الى المريخ في 5 نوفمبر الماضي، وقطعت اكثر من 215 مليون كيلومتر للوصول الى الكوكب الاحمر، والهدف منها هو الدوران حول هذا الكوكب، والتقاط صور لسطحه، ودراسة اجوائه.
ويشكل نجاح مهمة الدوران حول المريخ، التي نالت الاشادة لانخفاض تكلفتها دفعة لبرنامج الهند الفضائي  الذي يمتد لخمسة عقود، ويتطلع رئيس الوزراء الهندي المنتخب حديثا نارندرا مودي الى التوسع فيه ببنية اساسية وتكنولوجيا افضل.
وقال مودي في كلمة بمركز القيادة «لقد وصلت الهند بنجاح الى المريخ».
طيب.. ما الذي يحرق الدم في الموضوع؟!
لا إراديا.. تتم المقارنة بين مصر والهند،.. اذا كنا نشكو من الازدحام، بينما نعيش على %6 من مساحة الارض التي وهبنا الله اياها، فان الهند هي البلد الاكثر ازدحاما في العالم.
اذا كنا لا نعرف كيف نستثمر 90 مليون نسمة، اغلبهم من الشباب، فعدد سكان الهند تجاوز 1250 مليون نسمة، وهي «المورد» الرئيسي لفنيي برامج الكمبيوتر لأكبر شركات العالم.
الهند استقلت عن بريطانيا في صيف عام 1947، وثورتنا كانت في صيف 1952، اي 5 سنوات فقط بين التاريخين.
بدأت النهضة الصناعية الحقيقية للبلدين مع اعتماد برامج حكومية في بداية الستينيات من القرن الماضي.
خاضت الهند حربين طاحنتين مع باكستان والصين، انقسم فيهما المجتمع، وتم تهجير اسر وعائلات، غير ان ذلك لم «يدمر» البلد، وتماسك، كذلك خاضت مصر حربين مع اسرائيل، وتعرضت لعدوان دولي في 1956.
بدأت الدولتان تجربة الانفتاح الاقتصادي في وقت متقارب، منتصف السبعينيات.
واليوم أصبحت الهند دولة نووية.. ووصلت للمريخ ببرنامج فضائي أبهر الأمريكيين،.. وحققت الاكتفاء الذاتي في زراعة الحبوب لتكفي 1250 مليون فم.. وأصبح اقتصادها الرابع عالمياً.. ويتقدم بسرعة الصاروخ ليحتل المركز الثالث!!
فعل الهنود ذلك وهم يتحدثون عشرات اللغات،.. ولديهم دستور يعترف بـ12 لغة غير الإنجليزية، ونحن نتحدث جميعاً لغة واحدة. ويعتنقون الهندوسية والإسلام والمسيحية والسيخية والبوذية واليانية وعشرات الديانات غير السماوية، ورغم أن أكثر من %80 من الهنود «هندوسيين» إلا أنهم أتوا بثلاثة رؤساء مسلمين (المسلمون حوالي %10).
أرجو أن يدرس المختصون «التجربة الهندية»، ويلخصوها لصاحب القرار.
كما أرجو أن نتوقف تماماً عن جملتنا الشهيرة.
ليه.. هو أنا هندي؟..
وحفظ الله مصر وأهلها من كل سوء.
 
حسام فتحي
twitter@hossamfathy66