طيب!!!
رحلة إلى «نيويورك»
.. في فيلم الكوميديا السوداء الرائع«فبراير الأسود»، وهو تأليف وإخراج محمد أمين، مشهد صادم يشرح فيه د.حسن (خالد صالح) أستاذ علم الاجتماع، لأسرته كيف وصلت الحياة في مصر في فبراير 2010 إلى مرحلة الـ«بي.بي» - حسب تعبيره – وأن أي حديث عن الأمل يعتبر نوعاً من الوقاحة، ثم يشرح خريطة الأوضاع الاجتماعية في ظل المأساة التي يعيشها البلد، فوضع على لوحة حائطية ثلاث منظومات هي بالترتيب.
-1 منظومة الجهات السيادية.
-2 منظومة العدالة.
-3 منظومة الثروة.
وقال إن هذه المنظومات الثلاث هي فقط من يستطيع أفرادها الحياة وهُم مطمئنون على حياتهم وأسرهم، وإنها هي فقط الفئات الآمنة.
وقال إن المنظومة الثالثة (الثروة) هي التي تتعامل و«تكاد» تشتري المنظومتين الأوليين.
تذكرت هذا المشهد «العبقري»، وأنا أطالع صور مجموعة كبيرة من «الإعلاميين»، ونجوم برامج «التوك شو»، وبعضهم أصدقاء أعزاء، وهم يبتسمون على متن طائرة «خاصة»، مملوكة «غالباً» لأحد رجال الأعمال الذين يملكون الصحف «الخاصة»، والفضائيات «الخاصة» في المحروسة،.. ومع الصورة عشرات التعليقات والأسئلة من عشرات المعلقين، لخصها صديقي الإعلامي والأديب د.ياسر ثابت فيما أسماه «أسئلة اللحظة»:
«لماذا سافر كل هذا الجيش العرمرم من الصحافيين ورؤساء التحرير ومقدمي البرامج التلفزيونية إلى نيويورك لمرافقة الرئيس عبدالفتاح السيسي في رحلته؟ من سيتكفل بنفقات سفرهم وإقامتهم؟ هل هناك برنامج نشاط سياسي ما سيقوم به هؤلاء للقاء مسؤولين وقادة رأي وقوى ضغط في الولايات المتحدة أم انها مجرد فرصة للاستمتاع بشوارع نيويورك؟ وهل هذه الدعاية المباشرة والمكلفة تتناسب ووضع مصر الاقتصادي والسياسي الراهن؟ والأهم من ذلك، هل يدرس أحدّ أو جهة ما مثل هذه التصرفات؟
لا أنتظر إجابات بالتبرير أو التجني، فقط أريد أن نتفكر في بعض أخطائنا الساذجة».
… يا صديقي ياسر … ارجع إلى مشهد مرحلة الـ«بي.بي»، للمبدع خالد صالح، فيبدو أن «المنظومة الثالثة» و(الثروة) التي«تكاد» تشتري المنظومتين الأوليين، قد وجدت أن شراءها لمنظومة «الإعلام» ربما كان أكثر تأثيراً، وقوة، ونجاحاً في تحقيق الأهداف، فوضعته على رأس أولوياتها، ونظرة«سريعة» لخريطة ملكية وسائل الإعلام الخاصة، وأسماء مالكيها تؤكد لك صحة ذلك.
.. أما طبيعة «الجهد» الذي سيقوم به الزملاء والأصدقاء في نيويورك لمواكبة زيارة الرئيس. فدعنا ننتظر.. ونشاهد.. و…«نتعلم».
وحفظ الله مصر وأهلها من كل سوء.
حسام فتحي
twitter@hossamfathy66