برلمان الجنرالات-بقلم : محمود الشربيني

قبل ان تقرأ : "يامصر قومي وشدي الحيل..."هذا الشطر من انشودة الشيخ امام الشهيره التي كتبها نجيب شهاب الدين وغناها الشيخ امام لم يتحقق حتي الان!تقول الانشوده:يامصر قومي وشدي الحيل/كل اللي تتمنيه عندي / لا القهر يطويني ولا الليل /الدم بيجري في ماء النيل والنيل بيفتح علي سجني/ والسجن يطرح غله وتيل/ نجوع ونتعري ونبني)

- رغم كل سنوات الفوران والغليان والدموع والاحزان لم يتحقق ..لم تقم مصر،تقريبا منذ ان  انتهي زمن الحلم الكبير، الذي كان فيه الشعور بالوطنيه يلهب الخيال ويشغل البال ويسيطر علي قلوب الجميع يافعين ام رجال . حلم تراجع في زمن السادات وقضي عليه مبارك ولم يشغل بال محمد مرسي باي حال ..لكني كنت اظن انه سوف يعود مع زمن المشير عبدالفتاح السيسي ..الذي يري فيه كثير من الناس اوجه شبه بالزعيم عبد الناصر! 

************************

مصر لم تقم حتي الان..بل هي "مخبوطه" علي ام راسها حتي اللحظه ..مصر "نائمه"ولم " تقم"؟!ويبدو ان احدا اي احد لم يعد قادرا علي فك شيفرات هذا القيام من السبات..حتي ان مسئولا من ابرز رموز موجة ثورة 30،،يونيو وهو الدكتور حسام عيسي يشير الي ذلك في اول ظهور له منذ خروجه من الحكومه، ويعزو اسبابه الي ضعف النخبه الثقافيه والفكريه ، فضلا عن السياسيه،اذ يؤكد انها لم تجتهد في اجراء دراسات او تقديم افكار تساهم في انقاذ الدوله ( اللي مش عارفه تعمل ايه ولاتتصرف الزاي)من مازقها الحالي !ولم تقدم اي من هذه النخب لرئيس الجمهوريه، حتي الان ،مايمكنه ان يساعد للنهوض بمصر من كبوتها وقيامها من جديد!

انها اشبه بما وصفه يوسف ادريس قبل ذلك ب " فقر الفكر"..فليس لدي احد فكره جديده ، او امتلاك رؤيه،لا للحاضر ولا للمستقبل ،تستطيع مواجهة المشكلات الحاليه وتقديم حلول لها. ولا تقدم رؤي وافكارا تتوقع المشكلات والازمات المستقبليه ..ولعل مايتردد من انباء عن اعتزام ثلاثه من الجنرالات المتقاعدين خوض هذه الانتخابات لهو ابلغ دليل علي عقم هذه الافكار مع احترامنا للشخصيات!

 

- الجنرالات الثلاثه الذين يستعدون للمشاركه في الانتخابات المقبله هم  الفريق احمد شفيق وحزبه الذي لا يذكر اسمه احد، وحزب الفريق سامي عنان وايضا حزب اللواء مراد موافي ! تري مالذي يمكن ان يقدمه هؤلاء للوطن ؟ مالذي يمكن ان يقدموه من رؤي وآراء للبرلمان المقبل ؟ احمد شفيق وراءه تجربه طولها ارتباط بمبارك ، وعرضها اانتماء لافكار المؤسسه العسكريه( بصرف النظر عن اعجوبة مطاره الدولي!)وعمقها حرص علي استمرار سياسات الدوله العميقه،وهذا واضح في تجربته الوزاريه ترشحه للانتخابات الرئاسيه!

اما الفريق عنان فوراءه خيبات وحطام تجربه فاشله ،قوامها دفع المجلس العسكري بقيادةالمشير المتقاعد طنطاوي الي اهدار مكتسبات ثورة 25، يناير والسماح للاخوان بالسطو عليها ، وللامريكان بالعبث في مصر وتنفيذ مخططاتهم بمنح الحكم للاخوان!! واما اللواء مراد موافي فهو رجل محمل بارث عسكري  هو الاخر،وملابسات ماجري في "رفح"لم تتضح كلها بعد،وفي ظل رئاسته للمخابرات العامه المصريه استاسد الطرف الثالث علينا وقهرنا واحرق مصر،وعبثنا بحثنا عنه دون ان نجده مطلقا ، وفي عهده ايضا-هو اوغيره في الحقيقه!- لم يخرج تسجيل واحد الي النور يدين  الذين تامروا علي الوطن واحرقوا فيه ،ودمروا منشاته ،اوعذبوا فتياته وشبابه ،في السجون او اثناء المواجهات ،وحينما استنجدت النيابه العامه بجهازه ،وباقي اجهزة الامن المنوط بها مسئولية تحقيق الامن القومي الوطني، لم يقدم معلومه واحده لها ، تساعد في ادانة او حتي تحقيق العداله ، في مواجهة كل مجرمي نظام مبارك ، وقضاياهم التي كانت منظوره امام القضاء وفي مقدمتها قضايا قتل المتظاهرين!

لماذا يتقدم هؤلاء الجنرالات الثلاثه الان لكي يشاركوا في الحياه السياسيه المصريه ؟ ايسعون لاحكام القبضه الامنيه والعسكريه ؟ هل لدي الجنرالات الثلاثه اي تاريخ في العمل السياسي والمدني؟ واذا كان مقبولا ان يخوض رجل عسكري من وزن عبد الفتاح السيسي، بحكم بطولة 30  يونيو 2013 تلك الموجه الثوريه المذهله ، التي ازاحت "الاخوان المفسدون "من السلطه، بعد ان عاثوا في الارض فسادا كادت مصر معها ان تمسخ وتضيع وتقسم ، وهو ما منحه شرعيه وشعبيه طاغيه اهلته للتقدم للترشح لرئاسة مصر، فهل لدي الجنرالات الثلاثه بكل تاريخهم(..) مايؤهلهم لخوض هذا المعترك؟

هل من المفيد لمصر ان يكون برلمانها المقبل محكوما ب"شلة" الجنرالات المتقاعدين مع احترامي لبطولات القاده العسكريين؟ وهل هذا يصب في خانة صالح الوطن ، الطامح لعدم تدخل الجيش في السياسه ،ليس بمعني " الفصل والقطيعه" ولكن بمعني ان يكون لكل مجاله، وبما يتيح ان يكون لمصر جيش وطني نعم ، لكنه لايكون دوله داخل الدوله، بموازنته السريه وامتيازاته الخاصه لقياداته ،والتي يعتبرهاالعسكريين اسرار لاتعلن اوتمس ، بذريعة عدم التاثير علي الامن القومي؟!

-بعد ان قرأت: البرلمان المقبل بالوضع الذي نراه حاليا لن يكون معبرا عن احتياجات الامه المصريه وهمومها وتطلعاتها ،لاننا نستعد له بطريقه عاديه ان لم خاطئه، والاجدر بنا ان نفكر فيه علي نحو صحيح ،وان ندرس الوضع دراسه كافيه، فلايكون بابا ملكيا لعودة الاخوان ، كماسبق ان حذرت ، ولا يتيح للسلفيين- وهم  بجهلهم وظلامية افكارهم وانغلاقهم اخطر واسوأ من الاخوان- وراثتهم في الحياه السياسيه ومجلس النواب ..وايضا لايكون ساحة لتجمع تجار الخيش والحشيش والسلاح  والحديد والخرده ..ويبدو لي ان الوحيد الذي يفكر بطريقه صحيحه في مصر الان ، هو الفنان خالد النبوي ، الذي ينفق من جيبه الخاص لابداع فلاشات فنيه للتوعيه بقضاياالمجتمع الاخلاقيه ،بداية ب"التحرش"ومرورا بترجمته الرائعه لانشودة قوم يامصري، عبراستنهاضه الاحلام لدي الشباب في حملة" ابتدي" ،وصولا الي حفاوته بالشباب ذوي الافكار الخلاقه في ابتكار حلول لمشكلات الكهرباء والطاقه !