التقسيم والانقسام..!
بقلم: محمد يسري موافي
ماذا يحدث في مصر؟ لماذا وصلت الأمور إلى هذا الحد؟ ماذا حدث للمصريين؟ من عادة المصريين الشكوى الدائمة من كل شيء، ورغم ذلك تعتقد أن غالبيتهم لا يحمدون الله على النعم التي انعمها عليهم، إلا أن هناك الكثيرين الذين يحمدون الله على ما آتاهم ولو كان قليلاً.
بعد انتفاضة يناير2011 ظل الكثير من أبناء الشعب المصري يراقبون ما يحدث عبر وسائل الإعلام بهدف استيعاب ما يحدث، وكان البعض إيجابياً إلا أن الكثير كان سلبياً واشتهروا بأنهم (حزب الكنبة) الذي يتابع ولا يشارك، يشاهد ولا يتحرك واتسموا بالسلبية المفرطة.
لكن الفائدة الوحيدة كانت استيعاب الشعب المصري لما حدث ويحدث، ودراية كاملة بحجم المؤامرة التي حيكت لمصر في 2011 وأصبح يعرف كل شيء عنها، ونضج الشعب بعد هذا الزخم الكبير من الأحداث حتى نجح في إزاحة (أحقر نظام) يمكن أن يحكم بلد وهو نظام الاخوان في يونيو 2013.
ورغم إجهاض حلم تقسيم مصر لدى واشنطن لفائدة إسرائيل وبتنفيذ من الإخوان المتأسلمين إلا أن الإدارة الأمريكية لديها خطط بديلة لتحقيق هذا التقسيم، فقد بدأت بالفعل منذ يناير 2011 بزرع جواسيسها ونشطائها وحقوقييها في كل مكان داخل المجتمع، بمباركة إخوانية حتى جاء دور هذه الجماعة الشاذة في بث الفرقة والانقسام بين أطياف الشعب المصري، فظهرت جماعات لم نكن نسمع عنها في عهد مبارك مثل السلف - الجماعات الإسلامية بأحزابها (الدعوة – الوسط – الوطن – مصر القوية.. إلخ) الشيعة - الأقباط - الاشتراكيين الثوريين - الصوفية وأخيراً الشيوعية!! تصوروا إن في مصر شيوعيون!! أضف إلى ذلك ظهور أكثر من 50 ائتلافاً للثورة وأكثر من 70 حزب سياسي.
ووسط هذا الكم الهائل من الأطياف، بدأت التفرقة بين المصريين والصراعات الطائفية والعقائدية والسياسية والمجتمعية وأصبح الكل يكره الكل، والجميع يخون الجميع، والشعب يصارع الشعب، واندثرت صفات الشهامة والشجاعة والاحترام والرجولة لدى أفراد الشعب، فلا مناقشات عاقلة ولا احترام لرأي الآخر ولا ممارسة للديموقراطية أو أدب الحوار وكان الجدال عقيماً ينتهي بالصراع، وكان هذا الحال قبل ثورة يونيو 2013
وبعد سقوط حكم الاخوان وفشلهم الكبير في إدارة دولة بحجم مصر، اصطف الشعب والجيش والشرطة حول مصر، وخرج من الدائرة هؤلاء الإخوان الخونة الذين كشفوا عن وجههم القبيح وأصبح الصراع بين الدولة وبين هذه الجماعة الإرهابية المارقة، وخرجت من جديد رجولة وشهامة المصريين في مواجهة هؤلاء، إلا أن هناك ضرورة كبيرة لرجوع كل الصفات الإيجابية للشعب المصري.
هذه الصفات لن تعود إلا بتكاتف جهود الدولة مع شعبها وأن (يفوق) الشعب من غفلته ويبدأ في تعديل ذاته، واعتقد أن جموع الشعب سئمت السلبية واللامبالاة والأنانية، كفانا فوضى في الشوارع، كفانا تعدي على الآخرين، كفانا كسراً للقوانين، كفانا عدم احترام لحق الغير، كفانا انقساماً فالانقسام المجتمعي نتيجته كارثية على الدولة، فاحذروا ما يحاك لكم وعدلوا من أنفسكم، يقول سبحانه وتعالى: إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ (الرعد:11) فإذا أردتم أن تحيوا كراماً وأن يتغير واقعكم، فغيروا ما في انفسكم واتحدوا لمواجهة القادم!!