رسالة إلى الفريق السيسي .. !

بقلم : محمد يسري موافي
منذ العام 1992 حيث تم إقرار اتفاقية (كيوتو) للحد من انبعاث الغازات إلى الجو ولمنع تفاقم الاحتباس الحراري، أدركت واشنطن وقتها أن المستقبل ليس للنفط إنما للغاز خاصة بعد فشلها في اختراع وقود بديل صديقاً للبيئة، وفي العام 1994 ألزم الاتحاد الأوروبي نفسه بهذه الاتفاقية وأصبح الغاز أهم لديه من النفط.
وفي العام 1995 عقدت صفقة في قطر أدت إلى انقلاب الابن على أبيه، وجرى ترسيم الحدود مع إيران وبدأ استخراج الغاز لتلبية الطلب الأوروبي، فكان البدء بتسييل الغاز القطري كونه لا يمكن تمديد أنابيب من قطر إلى أوروبا لمنافسة الغاز الروسي.
وفي العام 1996 كان فلاديمير بوتين قد بدأ الامساك بزمام الأمور في روسيا جراء الوضع في الشيشان وتأسست شركة غازبروم التي ستصبح هي الحاكم الفعلي لروسيا على غرار الشركات الأمريكية التي تحكم الولايات المتحدة، ثم بدأت واشنطن التخطيط لمشروع الشرق الأوسط الجديد حين أدركت خريطة الغاز في المنطقة وهي في تركمانستان وأذربيجان وإيران ومصر، والغاز الذي كانت تعلم به واشنطن فقط في ساحل البحر الأبيض المتوسط ما بين فلسطين ولبنان وقبرص أما في مصر فموجود أمام سواحلها وبكميات هائلة، وأدركت واشنطن أن السيطرة على هذه المنابع تعني بقاء واشنطن قطباً أوحداً يدير العالم، فهي قادرة على منافسة الغاز الروسي، كون الوصول إلى غاز أذربيجان وتركمانستان صعباً لأنهما في منطقة نفوذ روسي، لكن الوصول إليهما سيكون سهلاً في حال سيطرت واشنطن على غاز البحر المتوسط وزودت أوروبا بالغاز لتصبح موسكو عاجزة عن شراء الغاز من آسيا الوسطى، التي سترغم للدخول في النفق الأمريكي.
والحصول على الغاز من حوض البحر الأبيض المتوسط يحتاج إلى سلام في المنطقة، والسلام وفق الشرعية الدولية سيكون بداية لنهاية إسرائيل، وهنا قررت واشنطن تقسيم الشرق الأوسط إلى دول طائفية تديرها إسرائيل، بحيث تتمكن من تصفية القضية الفلسطينية، لكنها قبل أن تطرح مشروع الشرق الأوسط الجديد حاولت أن تسلك الطريق الأسهل من خلال القضاء على المقاومة في لبنان ليمكنها من الوصول إلى الغاز دون حل القضية الفلسطينية، التي أصبحت عائقاً أمام مستقبل واشنطن.
فبدأت إسرائيل حرباً بالوكالة (عناقيد الغضب) عام 1996 للقضاء على حزب الله والمقاومة لكن العدوان فشل بل وأصبحت المقاومة مشروعة وألزمت إسرائيل لأول مرة بتفاهم إبريل، وجاء عام 2000 وهو عام النكسة الأمريكية، حيث تحرر الجنوب اللبناني ووصل بوتين خصم الغرب إلى السلطة في روسيا فبدأت واشنطن بجدية في مشروع الشرق الأوسط الجديد.
أدركت واشنطن أن النفوذ الروسي بدأ يزداد في أوروبا مع ازدياد الطلب على الغاز، وليس ذلك فحسب بل بدأت موسكو بالانتعاش الاقتصادي واستعادة عافيتها، فقررت التحرك وكانت أحداث 11 سبتمبر وتنفيذ القاعدة له ثم غزو افغانستان ومحاولة قطع طرق الترانزيت عن الصين ومحاصرتها ومحاصرة روسيا من جهة وإيران من جهة أخرى.
وفي العام 2002 عقدت واشنطن صفقة مع رجب طيب أردوغان وعبد الله جول اللذين انقلبا على معلمهما نجم الدين أربكان، وأسسا حزب العدالة والتنمية ليصبح غول أول رئيس حكومة إسلامي في تركيا, ومع ظهور هذا الحزب أعلنت واشنطن عن إنشاء خط غاز (نابوكو) الذي يجمع غاز المنطقة من إيران ومن مصر مروراً عبر الأراضي السورية ليصل إلى تركيا وتصدره إلى أوروبا دون المرور باليونان، فتتحول تركيا إلى دولة ترانزيت عالمية للغاز حيث يفترض أن يبدأ بـ 31 مليار متر مكعب ويصل إلى 40 مليار متر مكعب، لهذا فقد اردوغان صوابه وعقله من جراء سقوط الإخوان في مصر.
فلم تجد واشنطن غير جماعة الإخوان المسلمين حليفاً لها من أجل تنفيذ هذا المخطط الشيطاني عبر تقسيم الدول العربية وسرقة ثرواتها الطبيعية، فعقدت الصفقة بين اردوغان وغول وواشنطن على أساس مساعدة واشنطن للإخوان على الإمساك بزمام السلطة وقبول تقسيم مصر والعراق وسوريا، وأن تتعهد واشنطن بجعل النفوذ على الدول السنية من الدويلات الجديدة لتركيا، وتقبل تركيا بأن يكون النفوذ على باقي الدول لإسرائيل!
وهذا يفسر دعم روسيا اللامحدود لسوريا ثم جاءت من بعدها الصين بعد أن اكتشفا بأن واشنطن تسرح وتمرح في منطقة الشرق الأوسط من أجل مصالحها، وقد سارعت روسيا وكان ردها عنيفاً خاصة بعد الإعلان عن خط نابوكو، حيث أعلنت بأنها ستستثمر في مشاريع غاز في أمريكيا اللاتينية وإفريقيا وآسيا وحتى واشنطن ستجد نفسها تشتري الغاز.
وبعد ثورة 30 يونيو المجيدة تنفست روسيا الصعداء بعد سقوط حكم الإخوان البائد في مصر وهذا ما يفسر استعداد بوتين لفتح خزائن روسيا لمصر لأن الشعب المصري بثورته رفع من قدر ومكانة روسيا وعودتها كقطب منافس وقوي لواشنطن خاصة أن المراقبين يؤكدون أن نظام بشار الأسد في سوريا لن يسقط بل أنهم توقعوا أن الأسد ستتم إعادة انتخابه كرئيس لسوريا في 2014.
********
ورسالتي إلى الفريق أول عبد الفتاح السيسي هي التذكير بأن مصر عادت بفضل الله ثم بفضل الجيش العظيم وشعبها الأبي قوية وعالية الهامة رغم المصاعب التي نواجهها جميعاً، لذلك الحذر كل الحذر من روسيا ومن واشنطن ومن الصين ومن كل دولة تمد يدها إلينا بالمساعدة بأن هذه الدول لا يهمها غير مصالحها ويجب أن نعاملها بالند وبمبدأ المصالح المشتركة لأنهم يحتاجون إلى قوة شعبنا وتعاضده من أجل إفساد عمل المفسدين.
والرسالة الثانية يا سيادة الفريق أن الشعب المصري فوضك وفوض الجيش لمحاربة الإرهاب، وها هو الجيش يسطر تاريخاً جديداً على أرض سيناء المقدسة وأصبح النصر على إرهابيي سيناء قاب قوسين أو أدنى، لكننا نحتاج أن تحارب الإرهاب الداخلي الذي يضرب أركان المجتمع، إرهاب جماعة ضلت طريقها، جماعة شاذة كافرة عاهرة مرتدة خارجة عن الدين، فاضرب هؤلاء بيد من حديد وتأكد بأن جموع الشعب المصري الشريف ستقف داعمة لهذه الخطوة، فهل من مجيب؟