أعيدوا الحق إلى صاحبه!!
بقلم: محمد يسري موافي
ليس من حسن العهد أن يتنكر جزء كبير من الشعب المصري المنضوي تحت لواء جماعة «الإخوان المجرمين» للرئيس المصري الأسبق «محمد حسني مبارك»، ويتجاهل الدور الذي قام به في حرب 6 أكتوبر عام 1973، والنجاح الذي حققه سلاح الطيران في تلك الحرب المجيدة، وكان الأولى والأجدر بعد سقوط معبد «الإخوان» وتهاوي صرح تنظيمهم، ألا يتم تجاهل ذلك الدور، ودور معظم قادة الحرب ورموز القوات المسلحة المصرية، بدلاً من استضافة قتلة الرئيس المصري الأسبق الراحل «محمد أنور السادات» في استاد القاهرة في سابقة لم تحدث من قبل.
من الظلم والتجاوز للحقيقة أن يقلل البعض من قيمة ودور الطيار «محمد حسني مبارك»، وليس من حسن العهد أن يتم تجاهل مشاركته في ثلاثة حروب منذ حرب السويس عام 1956، ثم حرب يونيو 1967، ثم أخيراً حرب أكتوبر عام 1973 التي تعد بحق الانتصار الأهم في تاريخ العرب، وهل من حسن العهد أن يتجاهل البعض رجلاً وضع روحه على راحته، وحارب من أجل بلده، وبدلاً من تكريمه يتعرض للمهانة والازدراء والقسوة، وسحب كل النياشين والقلادات والأوسمة التي حصل عليها؟.
حكم «مبارك» مصر ثلاثين عاما أصاب فيها وأخطأ، وحساب السياسي على الاخطاء مكانه الفعل السياسي وحكم التاريخ من خلال أدوات التغيير الديموقراطية كالتظاهر أو العصيان المدني أو الانقلاب، ولكن ليس من أساليب المحاسبة قطعا - لما يعتقد أنه اخطاء سياسية - استخدام أدوات العدالة لتوقيع عقاب انتقامي، وتحقيق التشهير وشفاء الغليل وامتهان الكرامة الإنسانية والهجوم الكاسح والشرس على الطيار المقاتل «مبارك» وتسفيه دوره، ودور الطيران الحربي المصري، والزعم بأن ما ذكر من دور سلاح الطيران كان من قبيل المبالغة والنفاق لقائد في سلاح الطيران أصبح بعد ذلك رئيساً لمصر.
انحدار ملموس في نفسية البعض من المصريين أعماهم الغضب والرغبة في التشفي والانتقام ليطمسوا جزءاً ناصعا من تاريخهم وتاريخ وطنهم والدور المحوري والشجاع لسلاح الطيران المصري في حرب أكتوبر!
ولكن الله تعالى كان حليما بـ«حسني مبارك» فمنحه الفرصة ليرى جزءاً من رد الاعتبار إليه بعد أن عانى ما عانى خلال الأشهر الطويلة التي أعقبت سقوط نظامه في فبراير من العام «2011» فأتت الذكرى الأربعون لنصر أكتوبر وهو غير مدان بأي تهمة.
وخرجت إلى النور مذكرات قائد سلاح الطيران المصري «مبارك» التي كتبها عندما كان يشغل منصب نائب رئيس الجمهورية لتكشف دور سلاح الطيران الذي كان هو قائده في حرب اكتوبر ودوره هو كقائد عسكري وطيار مقاتل حارب من أجل بلده في إعداد القوات الجوية لحرب تحرير كبرى استعادت التراب الوطني، ومحت ما لحق بالقوات الجوية المصرية من عار الهزيمة وذل الانكسار في العام 1967، وكان نص المكالمة التي أجراها اللواء الطيار المقاتل قائد القوات الجوية «حسني مبارك» مع مركز القيادة العامة للقوات المسلحة كالتالي: «تم تنفيذ المهمة بالكامل وفي توقيتها المحدد، عادت جميع طائراتنا بسلام، ما عدا طائرة واحدة استشهد قائدها».
وفي 23 أبريل 1974 أصدر الرئيس الأسبق الراحل «محمد أنور السادات» رحمه الله قرارا بتعيين الفريق أول «محمد حسني مبارك» نائباً لوزير الحربية (الدفاع) إلى جانب مهمته كقائدٍ للقوات الجوية، وفي 16 أبريل 1975 عينه نائباً لرئيس الجمهورية.
هذه مقالة للكاتب الكويتي عبدالله الهدلق نشرها في جريدة الوطن الكويتية خلا شهر أكتوبر الماضي، والتي يبين فيها كم الحب الذي يكنه الاشقاء الكويتيين للرئيس مبارك وحزنهم الشديد على ما فَعل فيه خلال حكم الاخوان البائد وردود فعل الشعب المصري تجاه رئيسهم السابق.
ما جعلني اسوق هذه المقالة هي محاكمة المعزول مرسي وعقد مقارنة بينه وبين محاكمة الرئيس مبارك، فستجدون الفرق كل الفرق بين المقاتل ٍابن القوات المسلحة الذي احترم القضاء المصري وخضع لمحاكمته في بلده الذي أبى أن يتركها، ووجدناه حاضراً في المحكمة، وبين هذا المرسي الذي ترأس مصر في غفلة من الزمن وستجدون مدى العنجهية في حضوره حتى أنه صرح بأن هذه المحكمة لا يعترف بها وكأن هذه المحكمة هندية أو صينية.
لا شك أن خلال الثلاثة شهور التي سبقت نهاية المخلوع مرسي عقد الشعب المصري مقارنات بينه وبين الرئيس مبارك حتى تحدث البعض بأن مبارك إذا ترشح سيفوز من جديد!!
كل ما أريد أن أقوله هو أن تتأملوا هذه المحاكمة جيداً لتشعروا بالفارق الكبير بين من يحترم بلده ومن لا يعتبرها بلده، من يمتلئ قلبه بالوطنية ومن لا يعترف بها وطنا له، بين القائد صاحب القرار وبين مسلوب القرار والارادة، بين من يؤيد رئيسه وبين من يؤيد فرداً من جماعته، بين أبناء الشعب المصري وبين هؤلاء الأغراب الذين يسعون في الأرض فساداً، وإن الله لا يحب المفسدين.
وكل ما اتمناه ان يستعيد الرئيس مبارك كل الأوسمة والنياشين التي سلبت منه في عهد هؤلاء الخونة لصوص الأوطان.