الدخول الى النفق

سبب رئيسي من أسباب الأزمة التي تعيشها مصر الآن هو عنصر المفاجأة التي من خلالها وجد الإخوان المسلمون أنفسهم في سدة الحكم، فعلى الرغم من أن ذلك هو منتهى أمانيهم، إلا انهم لم يكونوا يتصورون أن يأتي إليهم حكم مصر على هذه الشاكلة، فالإطاحة بالرئيس السابق جاء من خلال ثورة لم يشعلوا فتيلها، وإن شاركوا فيها لاحقا، كما ان الاخوان يعدون جزءا من شكل النظام الحاكم والذي تمثل في رئيس بسلطات مطلقة وحزب بلا فكر ولا رؤية؛ ولإكمال الإطار فلابد من وجود معارضة شكلية، وقد ارتضى قياديو الإخوان القيام بهذا الدور. فلما حدث الطوفان الذي لم يكن ذا توجه إسلامي في منشئه اصيبوا كما اصيب الكثيرون غيرهم بالحيرة والارتباك، فليس هذا هو الشكل الذي تصوره لوصولهم للحكم، فالكثيرون منهم كانوا يظنون أن هناك علامات لابد أن تصاحب هذا الوصول، ومنها ظهور المهدي أو نزول عيسى بن مريم، او احتشاد الامة الاسلامية لمحاربة اليهود واختبائهم وراء الحجر والشجر خوفا من المسلمين، ولكن كل ذلك لم يحدث، ما جعلهم في حيرة من امرهم، فأعلنوا في البداية عدم خوض انتخابات الرئاسة، ثم تراجعوا عن موقفهم دونما تبرير مفهوم الى الان، وليس هذا هو فقط ما تراجعوا عنه، ولكن ان نظرت الى كل المبادئ التي قام عليهم فكرها تجدها قد اصابها اما التأجيل او التبرير مثل تطبيق الشريعة والعلاقات مع اسرائيل والتعامل مع صندوق النقد الدولي وما فيه من شبهة الربا والترخيص لمحلات بيع الخمور وغير ذلك من الامور.

لقد اكتشف الشعب ان الاخوان البارعين في تنظيم الرحلات الكشفية للشباب واقامة الندوات الدينية غير قادرين على إدارة شؤون وزارة فضلا عن إدارة دولة واحدة في حجم مصر، وليست خلافة كاملة.

فالكثير من القراءات في احكام الجنائز وقصص الصالحين وسير التابعين وفقه الرقيق لا يكسب أحدا القدرة على فهم الاقتصاد او التقدم في العلوم او النجاح في الادارة، فهذا شأن وذاك شأن آخر.

لذلك هم أدخلوا العباد والبلاد في نفق بلا شعلة تضيء في نهايته، ولكن طالما هناك حياة فلابد من وجود امل في وجود نور يضيء ظلامنا القاحل، ولكن من المؤكد ان هذا النور لن يكونوا هم مصدره.