fiogf49gjkf0d
الحــــرب العالميـــــة الثالثـــة!! بقلم / إسماعيل عبد الهادي,,
بالرجوع إلي الموسوعات التاريخية وما سطر من خلال الكتب المتخصصة في المسائل العسكرية والنزاعات الدولية والإقليمية نجد أن الحرب العالمية الأولي نشبت خلال الأعوام (1914-1918) على إثر أزمة دبلوماسية سببها إغتيال ولي عهد النمسا فرانز فرديناند وزوجته على يد طالب صربي أثناء زيارتهما لسراييفو فأعلنت النمسا الحرب على صربيا ثم قامت كل من روسيا والمانيا بتعبئة قواتهما إستعداداً لدخول الحرب بعدها دخلت بريطانيا الحرب عندما اجتاحت فرنسا بلجيكا واعتبرت بريطانيا تدخل فرنسا بمثابة خرق لحياد بلجيكا وقد استعملت الأسلحة الكيميائية لأول مرة في الحرب العالمية الأولي ولأول مرة في التاريخ يتم قصف المدنيين من الجو وقد شهدت تلك الحرب ضحايا كثيرين من المدنيين وتعتبر النواة الأولي لظهور الحركات الإيديولوجية كالشيوعية وغيرها من حركات سادت العالم بأسره , كما انها مهدت الطريق للحرب الباردة بين العملاقين الإتحاد السوفيتي والولايات المتحدة الأمريكية على مدي فترات طويلة.
 
أما الحرب العالمية الثانية فكانت بمثابة نزاع دولي مدمر بدأ في السابع من يوليو من عام 1937م " أي بعد تسعة عشر عاماً من نهاية الحرب الأولي " بدأت في آسيا ثم في الحادي من سبتمبر 1939م اشتعلت في أوروبا ثم انتهت عام 1945م بإستسلام اليابان وإنهزام المانيا,وخاض الحرب العالمية الثانية ما يقرب من سبعين دولة براً وبحراً وجواً وتعد من الحروب الشمولية كما وصفها المؤرخون,وتعتبر أكثر الحروب كلفة في تاريخ البشرية لإتساع رقعتها وتعدد مسارح عملياتها,وشارك فيها أكثر من مائة مليون جندي وكانت الخسائر في الأرواح فيها بالغة إذ إزهقت أرواح ما يقرب من إحدي وستون مليون نسمة ما بين عسكري ومدني وقدرت تكلفتها المادية بمبلغ وقدره تريليون دولار أمريكي مما تعتبر معه أعلى كلفة حرب – بالقياس بالحروب السابقة عليها بالطبع – ويعتبر الإتحاد السوفيتي هو من تحمل الخسارة الكبري في الحرب العالمية الثانية إذ كان أعداد القتلي لديه نحو سبعة وعشرون مليون قتيل منهم عشرون مليون قتلوا خلال الغزو الألماني للأراضي السوفيتية وتم حرق الكثير منهم أحياءً وقام الألمان بإعدام المدنيين من السوفيت بدم بارد أثناء إحتلالهم للأراضي السوفيتية. وكما تذكر الكتب التي أرخت لتلك الحقبة الزمنية أنه حدث خلالها تعديات خطيرة على حقوق الإنسان فمات ملايين من الأبرياء نتيجة الغازات الجوية ومعسكرات الإبادة والتعذيب وإرتكاب المجازر في حق الكثير من الشعوب واستعملت الأسلحة الكيمائية والذرية بلا أدني وازع من خلق أو ضمير.
 
 وكان من النتائج المدمرة علي العالم نتيجة الحرب العالمية الثانية بروز المشكلات الإجتماعية الخطيرة نظراً لكثرة أعداد المشوهين والأرامل واليتامي وتفشت البطالة وتضخمت المشاكل النفسية جراء تدمير مدناً بكاملها على من فيها بإستخدام المدافع الثقيلة والقنابل بكثافة. فهل بعد مرور ثمانية وستون عاماً على إنتهاء الحرب العالمية الثانية تلوح في الأفق الآن بادرة حرب عالمية ثالثة؟لاسيما وأن إرهاصات اليوم مشابهة بل تفوق مقدمات الأمس؟فما هو مطروحاً على الساحة من أزمة سوريا التي يختلف حول إدارتها كل من أمريكا وحلفائها من جانب وروسيا والصين ومعهما إيران من جانب آخر وما يحدث من تهديدات لدول الخليج بعضها البعض وتدخل إيران في شئون دول الجوار من جانب آخر في ظل وجود القواعد الأمريكية علي أراضي الكثير من دول الخليج وفي ظل محاولة إيران إمتلاك السلاح النووي ومعارضة الغرب في ذلك,وحالة عدم التفاهم بين الأطراف المتناحرة داخل معظم الدول العربية بعد ما أطلق عليه الربيع العربي والفوضي التي تعم الدول العربية وإنتظار الغرب للنتائج التي ستسفر عنها هذه الفوضي وهذه الخلافات ودور القوات المسلحة في كل دولة من هذه الدول وعلى رأسها مصر وإتفاق الدول الغربية على التوازن الإقليمي لصالح دولة إسرائيل التي لم تكن موجودة في الحربين السابقتين مع الوضع في الإعتبار أن إسرائيل وجدت كشوكة في قلب العالم العربي بعد الحرب العالمية الثانية من موقع متميز,وأنها الدولة النووية الوحيدة بين دول المنطقة والتي لا تسمح لأي دولة من الدول المجاورة بإمتلاك ذلك السلاح الخطير المدمر الذي إذا ما تم إستخدامه في حرب قادمة سوف لا يبق ولا يذر خلافاً للحربين السابقتين والتي كان نطاق إمتلاك السلاح النووي فيهما مقصوراً علي دول بعينها تعد على أصابع اليد الواحدة وماهو مطروحاً على الساحة الدولية من خلافات مستعرة بين الكوريتين من تهديد نووي من جانب الشمالية للجنوبية ووقوف أمريكا صراحة في جانب كوريا الجنوبية وتهديدها للشمالية وما أشبه الليلة بالبارحة. فهل البشرية على شفير الفناء عن طريق هذه الحرب الثالثة المتوقعة؟فكما رأينا من خلال الحربين العالميتين السابقتين كم كان حجم الخسائر البشرية والمادية – مع الوضع في الإعتبار– أن الإمكانات العسكرية في الحربين السابقتين كانت تختلف كل الإختلاف عن الإمكانات والتطورات العسكرية التي حدثت على مدي أكثر من ستين عاماً. فهل إنسان العصر الحالي أكثر عقلانية وحكمة وإتزاناً من أخيه في الماضي القريب؟ أم أن شهوة الإنتقام والتشفي وتصفية الحسابات قد تعميه عن العقلانية والحكمة والإتزان ويصبح مثل سابقه يدمر ويقتل ويحرق ويبيد ويغتصب ثم في النهاية لا يجن شيئاً سواء أكان منتصراً أو مهزوماً سوي الخراب والدمار ثم العودة للإعمار!
 
وكأن البشرية تهوي لعبة الكراسي الموسيقية في كل زمن,فلو أننا تخيلنا أن الحربين العالميتين السابقتين لم تكن قد حدثتا لعم السلام العالم ووفرت الأموال الباهظة التي إنفقت علي هاتين الحربين ولنعمت البشرية بالرفاهية وقدم يد العون للفقراء من الدول المعدمة مثل الصومال وإرتيريا وغيرهما من دول لا تجد ما يسد رمق الجوع لدي شعوبها ولا تجد ما يستر أجسادهم العارية في حرارة الصيف القائظ والشتاء البارد والذين نراهم عبر وسائل الإعلام في حالة يرثي لها من عظام هزيلة تبرز من أسفل جلودهم من شدة الجوع في الوقت الذي يعاني فيه الآخرون من معظم شعوب العالم من التخمة المفرطة والإنفاق ببذخ على سباق التسلح من أجل قتل الإنسان لأخيه الإنسان – ومن المؤسف أن يجري في هذا المضمار بهلع كثير من الشعوب العربية نتيجة ذرع الغرب الخوف لديها من وجود خطر يتهددها – وما يثيره الغرب من خوف لدي العرب ليس من عدوهم الحقيقي وهي إسرائيل ولكن يخوفونهم بمن يدين بدينهم وينتمي لهويتهم بل ولإقرب الناس منهم مثل الشيطان بتوعده للمولي العزيز الجبار قائلاً"لإتِخذَنَ مِن عَبادِكَ نَصِيباً مَفرُوضاً" النساء/118,وبالتالي تقوم هذه الدول بالإنفاق الباهظ علي سلاح سوف يستخدم في أقرب فرصة ضدهم وليس ضد العدو الحقيقي لهم !.
 
 وفي ظل هذه الأخطار المحدقة فإن العالم العربي مكشوف تماماً للغرب ويعلم كل صغيرة وكبيرة عن حجم قوته وكم تسليحه وأماكن هذا السلاح بل عند الحاجة وعند إنقسام العالم لمعسكرين كما حدث في الحربين السابقتين ظاهر للعيان أي معسكر ننتمي وحتماً ستسخدم أراضينا شئنا أم أبينا لضرب المعسكر الآخر وربما ستبدأ هذه الحرب من عندنا خلافاً للحربين السابقتين التي بدأت أولهما من صربيا والثانية من قلب أوروبا أما الثالثة إن حدثت فالمؤشرات على الساحة تؤكد أنها ستنطلق شرارتها من الشرق الأوسط وسيكون الأتون لهذه الحرب إن لم ننتبه لما يحاق ويدبر في الخفاء وخصوصاً ما يحدث في سوريا فما يحدث فيها ليس ثورة شعب بمقاييس الثورات عبر التاريخ ولكنها نموذج لحرب مصغرة يؤجهها الغرب وانقسم العرب بشأنها بلا وعي وبلا فهم لحقائق الأحداث وكل ما يشغلنا هو التصنيف السني والشيعي فجندت أمريكا كل من ينتمي إلي تنظيم القاعدة وذرعتهم في سوريا وأمدتهم بالسلاح لينتقموا من النظام ومن الشعب السوري الذي لا حول له ولا قوة لتجعل مما يحدث في سوريا حرباً دينية بين سنة وشيعة ربما تمتد آثارها إلي دول عربية آخري وبالتالي سيحدث من خلالها ما لا يحمد عقباه وربما تكون هذه هي النواة لما نتوجس منه خيفة فالتاريخ يعيد نفسه والإنسان منذ أن هبط على الأرض لا يعي ولا يتعظ كما أنبئنا بذلك المولي عز وجل في محكم التنزيل" أفَلَم يسِيرُوا فىِ الأرضِ فَيَنظُرُوا كيفَ كانَ عاقبةُ الذينَ من قَبلِهِم كانُوا أكثَرَ مِنهُم وأَشَدَ قُوةً وأثاراً فِى الأرضِ فَمَا أغنَي عنهُم مَا كانُوا يَكسِبُونَ " غافر/82