إن كنت مسافر 00 خدنى معاك لم يتبقي سوى صفحات وتطوي0 وأيام تعد على أصابع اليد وينتهي العام الدراسي لتبدأ الأجازات الصفية وليبدأ من ثم الناس بالتقاط أنفاسهم ليهمّوا بشراء حقائب السفر معلنين بدأ الهروب الكبير والمؤقت من دوامة العمل المهلكة وطاحونة العام الدراسي الساحقة للهجرة لأحضان الوطن الأم مصر0 ففي هذه الفترة بالذات تبدأ في كل بيت أهله يعزمون على السفر بالقيام بعمليات الحسابات والحسبة السنوية لضبط الميزانية التي تستر المسافر في الحل والترحال لحين عودته 0وربما تحدث في الغالب الاصطدامات الزوجية والمشاكل بسبب الحسبة المخرومة0 ولكن في النهاية يغلب الشوق والحنين للحبيبة مصر على كل الحسابات0 وتزال كل العراقيل والصعوبات (وللي مدّكن حاجة من وراء التانى بيطلعها ويخلص ويشترى راحته بالفلوس) إنها الحاجة الماسة لرؤية الوطن والأهل والأصدقاء والأحباب ولتغيير الروتين القاتل طيلة عام كامل يخاله الفرد منا عشرة أعوام في دروب الغربة0 كم أشعر بالفرح حين تشع فرحة السفر من عيون المسافرين 0وكم أشعر بالألم يعتصر قلبي وقلب من تحول الظروف دون سفره0 حيث صور الآمانى في عينيه والتمني في أن يختبأ حتى في حقائب المسافرين للوصول للحبيبة مصر0 فيجلس على مضض بقرار قهري و جبري مرددا مع مطربنا الشعبي الكبير (محمد رشدي) أغنيته الشهيرة (إن كنت مسافر خدنى معاك) هذا هو الوطن ذلك الحضن الدافئ الذي يدثرنا بعطفه وحنانه بعد طول حرمان0 والذي نرتوي منه بعد طول ظمأ 0ها هو عبق ترابك يا مصر يتناثر بالأجواء الآن في نفس التوقيت من كل عام حيث موعدنا مع لقيآك حاملا معه الحنين والشوق لان نسعى جاهدين للوصول إليك حتى ولو كانت حساباتنا لا تسعفنا فإننا بالتأكيد سنعمل المستحيل مقابل نظرة واحدة نلقيها عليك من عيوننا الشاخصة دوما إلى أرضك وسماك0 مقابل خطوة واحدة نجتاز من خلالها حدودك لنتطهر من قدسية ترابك0 ومن اجل بسمة واحدة ننثرها بوجهك يا أجمل صورة رأتها عيوننا في حياتي0 آه يا مصر كم يشتعل الشوق إليك كلما اقترب موعد السفر والحنين 0 كم بقى لموعد السفر أيام ؟وأسابيع ؟تبا ما بها غدت بطيئة عجلة الأيام؟ لم نعتادها من قبل هكذا 0لماذا تعمدت الآن أن تدوس على عقارب الوقت وتسحقها ؟تبا كم تعاندنا الآن عقارب الساعة 0 مصر ها نحن الآن نستعد لشد الرحيل إلى أحضانك وربوعك 0يا واحة الأمن والآمان يا أم الدنيا يا مصر ياحبيبتي0