fiogf49gjkf0d
طيب!!!
القاموس الجديد
قبل ثورة يناير بسنوات عديدة، وتحديدا عام 1998، اصدر المفكر جلال أمين كتابه الرائع«ماذا حدث للمصريين»؟.. وبعد مرور سنوات، وبالرغم من التحليل الوافي، والتشريح الدقيق للتغيرات الاجتماعية والثقافية والاقتصادية والسياسية التي مرت بها المحروسة منذ عام 1945، الا ان السؤال مازال يتردد على الألسنة حتى الآن: صحيح..ماذا حدث للمصريين؟.. وخصوصا بعد الثورة، و«الانفلات» الذي ضرب اطنابه في اغلب مناحي الحياة المصرية؟
..ماذا حدث للمصريين بعد 25 يناير؟.. ربما يكون هذا هو السؤال الذي يأتي بعد 13 عاما من نشر الكتاب، ويحتاج لاجابات شافية يشارك فيها علماء النفس والاجتماع والمحللون السياسيون والمؤرخون.
..اتفهم أن تزداد الجرائم مع غياب الامن وتغيب رجل الشرطة عن الشارع، وضياع «الهيبة»التي كان يتمتع بها «الشاويش» ذي الشوارب المفتولة الذي كان يكفي سيره وحيدا ليلا في الشارع المظلم وصرخته التقليدية: «هع مين هناك».. ليشعر المواطن بالأمن والطمأنينة.
.. وأفهم ان يتفاوت استخدام أفراد الشعب لحجم الحرية الذي فوجئوا به مع اختفاء «امن الدولة» وإحجام ضباط الشرطة عن استخدام أساليب «الإهانة» التقليدية التي كان أغلبهم يعتمد عليها في أداء عمله، فترتفع نسبة المشادات في الشوارع، ويتطور قاموس الشتائم، ويرتفع سقف «العيب» الذي كنا نعرفه، ليحلق في سماوات فسيحة!!
.. واستوعب أن يشهد صراع التيارات السياسية، والأحزاب القديمة والجديدة بعضا من «المناوشات» «اللفظية» التي لا مانع أن يتخللها انحدار في مستوى النقاش، واستخدام كلمات لا تستسيغها الأذن المصرية، و«شتائم» يعاقب عليها قانون العقوبات من نوعية: عميل، حاقد، مغيب، سفيه.. وبقية هذا القاموس الذي يمكن تحمله.
.. أما ما لا أفهمه فهو «سقوط» من ينتمون إلى طبقة «المثقفين» و«قادة الرأي» إلى هاوية استخدام ألفاظ، لا يتقبلها الناس منهم، حتى لو تقبلوها من سواهم،.. فكم شهدت مصر من «معارك» في الفكر والسياسة، بين «عمالقة» يدافع كل منهم عن رأيه ووجهة نظره، بل ويهاجم خصومه أشد الهجوم، مستخدماً أقوى الألفاظ، مبتعداً عن «أقذعها»..
.. صراحة.. لم أستوعب ما حدث بين الشاعر والناشط السياسي عبدالرحمن يوسف القرضاوي، نجل الداعية الإسلامي الجليل، وبين الأستاذ عبدالناصر سلامة رئيس تحرير جريدة «الأهرام» الذي يجلس على مقعد جلس عليه: خليل مطران وفكري أباظة وإحسان عبدالقدوس ويوسف السباعي، ومحمد حسنين هيكل، من تراشق بالألفاظ على الهواء مباشرة استخدمت فيه كلمات من نوعية: عيّل.. موتور..مطرود.. ما أنت إلا غلام..
وقبل ذلك مطالبة رئيس تحرير الاهرام للقرضاوي والبرادعي بأن «يخرسا»، واتهامه للأول بالطائفية، وجعل مصر رأس حربة لحساب دولة خليجية، وأنه تشغله الطائفية السنية والشيعية والعلوية، والفتنة الخليجية خاصة القطرية منها.
واتهام الثاني بانه جاء لمصر لتنفيذ مخطط ادخالها في أتون صراعات لا تتوقف. ثم اتهام الإثنين معاً أن يعودا ادراجهما أو «يخرسا» أو أن يواريا الثرى، وأنهما متخمان بالدولارات والريالات.
ثم استخدام الشاعر عبدالرحمن يوسف لكلمات حادة لرد الهجوم لرئيس التحرير بقوله في ندوة بمقر مجلة الشباب فقال واصفاً ما كتبه سلامة: انه مثل غلام بال بولة بين نهرين فظن ان بولته نهراً».. وأضاف:«أتمنى على من يختار رؤساء التحرير الا يضع لنا رئيس تحرير عقله في مثانته لكي لا يبول لنا بولة أخرى في صفحة أخرى».
اعتذر للقارئ عن الاضطرار لإعادة استخدام «نزر يسير» من الالفاظ التي استخدمها رئيس التحرير والشاعر،.. واتمنى على قادة الرأي والفكر ان يكونوا قدوة للمصريين في الرقي بخلافاتهم والابتعاد عن التجريح الشخصي، والتركيز على الدفاع عما يعتقدون انه صواب، والهجوم على ما يعتقدون انه يضر بمصر ومستقبلها بعيداً عن «الشخصنة» والمعارك الشخصية التي تسيء لسمعة مصر وتعطي مثلاً سيئاً عن المصريين.
هدانا الله وإياكم إلى ما فيه صالح مصر والمصريين.
وحفظ الله مصر وشعبها من كل سوء.