fiogf49gjkf0d
طيب!!!
دماء في المسجد
.. عشية الاستفتاء على الدستور تخضب ثغر مصر الباسم بدماء المسلمين أمام وحول وداخل مسجد القائد إبراهيم بالإسكندرية، وروع أهالي محطة الرمل وسائر أحياء المدينة الباسمة بما حدث من مطاردات ومعارك استخدمت فيها الأسلحة البيضاء والشوم والخرطوش، وتخضبت جدران المسجد وساحته والشوارع المحيطة به بدماء المصلين، واحتجز المصلون والمصليات ومعهم الشيخ أحمد المحلاوي الإمام «التاريخي» للقائد إبراهيم داخل المسجد، بعد تصاعد الاحتجاج على خطبته التي دعا فيها المصلين للتصويت بـ«نعم» في الاستفتاء على الدستور، الأمر الذي تحول إلى فتنة بين الموافقين والمعارضين، تطورت إلى معارك كما شهدناها عبر القنوات والمواقع، سالت فيها دماء المسلمين، وأحرقت سياراتهم، وألقيت عبوات المولوتوف بين أجسادهم وعلى حوائط المسجد الذي يحتل مكانة خاصة في قلوب «الإسكندرانيين» فمن أمامه انطلقت جموع الثوار في 25 يناير 2011، حتى أصبح المكان الأمثل لوقفاتهم ومظاهراتهم ومركزا لتجمع شبابهم وشيوخهم.
مسجد القائد إبراهيم نفسه نموذج للتسامح الإسلامي، فقد شيد على اسم إبراهيم باشا، القائد الألباني نجل محمد علي باشا مؤسس مصر الحديثة، والمهندس الذي بناه، هو الإيطالي المسيحي ماريو روسي، الذي أشهر إسلامه عام 1946 في صحن مسجد المرسي أبو العباس الذي صممه وبناه أيضا!.. وظل هذا المهندس الإيطالي عاشقاً لبناء المساجد في مصر حتى مات في القاهرة عام 1960.
ما لفت نظري هو التحول الذي أصاب الشعب المصري نحو العنف، فالشيخ المحلاوي – 85 عاماً تقريباً – قال رأيه «السياسي» أثناء خطبة الجمعة، ما اعتبره خصوم هذا الرأي أمراً لا يجوز، ويجب النأي بالمساجد عن الدعوات السياسية، فهل رد الفعل هو محاولة الاعتداء على الشيخ، أم كان هناك العديد من ردود الفعل الأخرى التي لم تكن لتؤدي إلى كل ما حدث؟
..ومتى حولنا المساجد إلى ساحات للصراع السياسي وتبادل «اللكمات» واحتجاز المصلين رجالاً ونساء؟
..إذا كنا لم نتعلم كيف نختلف في الرأي برقي وتحضر خارج المساجد،.. فعلى الأقل لنحترم جميعاً حرمة بيوت الله التي تقام فيها شعائره، فلا ننزل بها الى مستوى الخلاف السياسي، ولا نحولها الى ساحة لمعارك «نعم» و«لا» و«مع»و«ضد».
اؤيد تماماً رأي وزارة الأوقاف التي ادانت الاعتداء على بيت من بيوت الله، والتي دعت إلى: («صيانة» المساجد عن ان تكون طرفاً في الانتصار الى رأي أو فصيل سياسي، وان تترك الخيار للشعب عن طريق الاقتراع مع احترام كل طرف للطرف الآخر).
بدأ الاستفتاء على الدستور وسينتهي الى ما قدر الله ان ينتهي اليه، وستواصل مصر مسيرتها الشاقة في خضم بحر «المصالح»المتماوج،.. حتى يقضي الله بقضائه، فأرجوكم جميعاً لا تصعبوا الأمر على المصريين اكثر من ذلك، ودعوا ايام الاستفتاء تمر بأقل قدر من الخسائر والدماء، وادعوا الله معي: «ربي لا نسألك رد القضاء بل نسألك اللطف فيه».
وحفظ الله مصر وشعبها من كل سوء
حسام فتحي
twitter@hossamfathy66