فإن همُ ذهبت «أخلاقهم» ذهبوا
يعتبر الكثيرون - والعبد لله احدهم - ان الاخلاق الإنسانية هي العنوان الرئيسي لشخصيته اي منا.. فلو أشرنا إلي الأخلاق في الإسلام كما تعلمناها، ناهيك عنها في المسيحية واليهودية، فإنها المطلب الأول لأي لبني البشر حتى وان اخلفت اهواءهم، بل هي اعتقدها - ايمانا - شرط من شروط الإيمان بالله عز وجل، وبعد ذلك تأتي شعائر العبادة من ركوع وسجود وقيام، لكون كل هذه وتلك بمنزلة الرسم والشكل المكمل، ولكنها وحدها وبذاتها لا تعطي ولا تنتج إنساناً سوياً، وإنما تعطي مظهرا خارجياً فقط! أذكر حينما بلغنا السادسة من العمر، ودخلنا المدرسة الابتدائية مرتدين ملابسنا الجديدة، حاملين حقائبنا الصغيرة، وبداخلها بعض الكتب والدفاتر، جاءنا مدرس التربية الإسلامية بالفصل، وقال لنا متسائلاً: أحبابي، أتعلمون لماذا سميت وزارة التربية والتعليم بهذا الاسم؟ نظر جميعنا للمدرس، وكأنه يقرأ علينا طلاسم سحرية، غير واعين لما يقوله، إلا تلميذا واحدا، وهو ابن هذا المدرس، كان زميلا لنا في الصف ذاته، وقف بعد أن استأذن الأستاذ (والده) وأجاب: التربية يا أستاذ مقدمة علي العلم.. جلس التلميذ وصفقنا له جميعاً بأمر الأستاذ. ورغم أن هذا الموقف قد انتهي منذ زمن بعيد، فإنني مازلت أتذكره بين الفينة والأخري، فكلما وضعت في موقف مشابه، تذكرت ما قاله لنا هذا الأستاذ.. إن الأخلاق مقدمة علي العبادة.. وإن التربية مقدمة علي العلم، ودون الأخلاق، أو التربية فلنقل علي الدينا السلام، وإذا قلنا علي الدنيا السلام، فكل شيء أصبح متاحاً، فالتلميذ يضرب مدرسه، والأبناء يعقون آباءهم، والجاهل يسفه العالم، واللقيط يطعن في نسب الشريف، وتصبح الحياة كسوق من دون ضوابط، والغلبة فيها تكون لصالح من لا ضمير لهم.
 mabdeen221@yahoo.com