fiogf49gjkf0d
تداعيات قرارات 22 نوفمبر – مذبحة القضاء- كتب/ سعيد مندور
 
تابعت كما تابع جميع المصريين المقيمين في الداخل والخارج على شاشات التلفاز الأخبار الجارية في مصرنا الحبيبة، والتي نقلت ما جاء على لسان المتحدث الرسمي لرئاسة الجمهورية وهو (الإعلان الدستوري الجديد) الصادر من رئيس الجمهورية وما أطلق عليه في الإعلام (مذبحة القضاء) وتقويض السلطة القضائية، وبالرغم من أن هذا الإعلان جاء فيه بعض الإيجابيات ولكن باطنه أثار غضب الشارع المصري بأكمله إلا القليل منهم وهم جماعة الاخوان المسلمين وبعض التيارات المسماة بتيارات الإسلام السياسي والتي سارعت قبل وأثناء إلقاء هذا الإعلان بالوقوف أمام دار القضاء العالي والمطالبة بإقالة النائب العام وتطهير القضاء والشعب يريد تطبيق شرع الله، وكأنهم يعلمون مسبقاً بهذه القرارات، هذا ما شاهدناه مساء يوم الخميس الماضي، وانتقل المشهد في صبيحة يوم الجمعة وبعد الصلاة إلى مشهد آخر حيث تجمع هؤلاء المؤيدين لقرارات الرئيس أمام قصر الاتحادية الجمهوري بمصر الجديدة، والذين أتوا من جميع محافظات مصر، وكان المشهد الآخر في ميدان التحرير حيث القوى السياسية المدنية وعلى رأسهم العديد من رموز العمل السياسي والحزبي والثوار والذين عبروا عن غضبهم ورفضهم للإعلان الدستوري الجديد، وانقسم المشهد ما بين مؤيد ومعارض وقسمت هذه القرارات التي أطلقها الرئيس على لسان الناطق الرسمي لرئاسة الجمهورية الشعب المصري مرة أخرى، وخلقت أجواء من عدم الاستقرار، وأعادت البلاد خطوات وخطوات إلى الوراء، وما بين هتافات الاخوان وتيارات الاسلام السياسي بتأييد قرارات الرئيس والمطالبة بـ (تطبيق شرع الله) كانت هتافات القوى المدنية والثوار في ميدان التحرير أيضاً تعلو ومرددين بـ ( قول ما تخفش مرسى لازم يمشى و الشعب يريد إسقاط النظام ).
 
 وهذا مالا كنا نتمناه مهما كانت إيجابيات أو سلبيات القرارات التي يتخذها الرئيس، فالشعب المسكين المغلوب على أمره يريد أن يستريح بعد عناء تلك الثورة والانقسامات التي خطط لها الغرب بكل عناية ومع الأسف بأيادي مصرية تنفذ الآن، فلقد لعب الغرب على بث الفتنة بين المسلمين والمسحيين في مصر ولكنه لم يفلح، والآن مصر تقسم ما بين تيارات إسلامية وتيارات مدنية وتجلت هذه الانقسامات بصورها الكريهة بعد قرارات الرئيس وإصداره هذا الإعلان، وقيام الرئيس بقصد أو بدون قصد بإلقاء خطبته التفسيرية لما أصدره من قرارات وسط مؤيديه في خيمة أعدت مسبقاً لهذا الغرض، وقد ترك الرئيس الثائرين في ميدان التحرير وميادين مصر الأخرى دون أن يضمد جراحهم، وقد ألقى خطبته بين أنصاره التي تعالت أصواتهم في تأييده منتشيين وكأنهم منتصرين مما أدى أو ساعد على التباعد والإنقسام، فكان من المفترض أن يخطب الرئيس في موقع آخر أو من خلال التلفاز وكان عليه أن يوجه خطابه لجموع المصريين بكافة أطيافهم في الداخل والخارج، لكونه رئيس مصر وليس رئيس لجماعة الإخوان والتيارات الإسلامية الأخرى. فكان عليه أن لا يبني قراراته ويرسم سياساته علي أساس أن الدولة المصرية وليدة اليوم فالدولة المصرية لها جذور عميقة وأصيلة لا تتغير إلا بما يتلائم مع شخصيتها وليس بعد أن خرجت جماعة الاخوان المسلمين من الشرنقة التي احاطت بها مدة ثمانين عاماَ، فمصر أكبر وأعمق من كل هذا. وتسارعت الأحداث وسارع نادي قضاة مصر بعقد جمعية عمومية بحضور النائب العام الذي أقاله الرئيس بهذه القرارات، وبعض الشخصيات السياسية العامة للتصدي ورفض ما جاء في هذا الإعلان الدستوري الجديد حيث إنهم رأوه أنه باطل ومنعدم وفيه اغتصاب للسلطات، وجاء لنسف مفهوم الدولة، وانقلاب كامل على الشرعية، واستحواذ على كافة سلطات الدولة، فى مخالفة صارخة للدستور والقانون واليمين الدستورية التى أقسم عليه رئيس الجمهورية أمام المحكمة الدستورية. وكذلك اجتمعت العديد من القوى السياسية والشخصيات العامة ورؤساء الأحزاب في مقر حزب الوفد لرفض هذا الإعلان الدستوري الجديد، وتتالت اجتماعات نقابة الصحفيين خلفهم وسارعت برفض هذا الإعلان، وجاءت ردود أفعال دول العالم في أمريكا وفرنسا والإتحاد الأوربي وجمعيات حقوق الإنسان حتى الإنسان المصري البسيط لرفض هذا الإعلان، والمشهد كما هو صراع في شارع محمد محمود وشارع القصر العيني ما بين المتظاهرين وقوات الأمن وانتشرت الفوضى في أنحاء ربوع مصر والمحافظات ما بين مؤيد ومعارض وازدادت الإصابات ووصلت إلى قتل متظاهر في شارع محمد محمود ومتظاهر في محافظة دمنهور، وكل الأطراف طالبت بالنزول إلى الميادين غداً الثلاثاء. فعلى الرئيس أن يستبق الأحداث لحقن الدماء وأن ويكون قادر على إدارة هذه الأزمة بنوع من الحكمة من منطلق أنه رئيس لكل المصريين وليس رئيس للإخوان المسلمين وأن يعمل على حل هذه المشكلة التي تعرض البلاد للخطر قبل أن ينزل الجميع اليوم حرصاً على مصلحة الوطن.
وحفظك الله يا مصر،، سعيد مندور Sism59@hotmail.com