fiogf49gjkf0d
محمد عبد العزيز يكتب : الإعلامي الإنسان
ما أحوجنا في هذه الفترة الحساسة من تاريخ مصر إلي التوثيق الأمين للأحداث التي تتسارع وتيرتها لدرجة تصعب متابعتها عن كثب .
وكلمة التوثيق لابد وأن تقترن بها صفة الأمانة ، حتي لا يضيع التاريخ وتضلل الأجيال القادمة ، كما أسهم التوثيق الإعلامي الموجه في تزييف وعينا صغارا بخصوص ثورة 1952 وصنع من عبد الناصر بطلا مغوارا أوحدا ، مصورا من حوله كغثاء السيل لا يعبأ بهم ، أو كسقط متاع .
وكما زيف الإعلام إرادة الأمة جميعها - إلا من رحم ربي - في عهدي السادات ومبارك ، وان كنت آري أن عصر السادات هو الأقل ضررا في هذا الشأن نظرا لان السادات كان أفضل من سابقه ولاحقه وأذكاهم علي الإطلاق .
زيفت مختلف وسائل الإعلام التاريخ وضللت الشعب بمختلف طوائفه وتعدد ثقافاته ، وغيبت
الحقائق وساهمت مساهمة كبيرة في صناعة الفراعين .
ارتكب الإعلام غير الأمين ما يشبه الاغتصاب والانتهاك الشديد لعقولنا في ظل تغييب تام ل " الإعلامي الإنسان " الذي ما كان يسمح له بالحديث وان حدث فلا يرين الشمس بعد حديثه .
والإعلامي الإنسان بالضرورة هو مرادف لعملية التوثيق الأمين للأحداث بعيدا عن أي انتماءات أو أيديولوجيات قد تؤثر في ذلك التوثيق التاريخي لهذه الأحداث الذي يشكل ضمير الأمة عبر تشكيل قناعات الأجيال القادمة .
لذا استهللت مقالي بجملة " الإعلامي الإنسان الذي يكون أمينا مع نفسه ، ومن ثم أمينا في نقل المعلومة أو الفكر للمتلقين ، الإعلامي الإنسان الذي يشعر بوطنه فلا يزيده آلاما علي آلامه ولا يطعنه في موضع جرحه ، بل يسعي عبر قلمه أو إطلالته لتطبيب الجروح والمساعدة في الاستشفاء الاعلامى الإنسان الذي يحافظ على القيم النبيلة والمبادئ الإنسانية الجليلة التي تحول من دون أن يبيع قلمه أو ضميره على حساب وطنه لمن يدفع أكثر .
نحتاج إلي الإعلامي الإنسان الذي يدعم الخير ويعارض برقي وموضوعية وذكاء ولا يسكب النار علي الزيت فيحرق الجميع ليجني المتمصلحون ثمار ذلك .
ما أحوجنا إلي إعلامي يمثل ضمير هذه الأمة ، يطرح المصالح الدنيوية الضيقة أرضا ويعلي مصالح الوطن .
ومع اختلافي العميق مع العلمانيين خصوصا المنحرفين منهم فكريا المترصدون المتربصون المتنمرون للرئيس علي خط مستقيم ، الحاقدون علي التيار الإسلامي ، الكارهون لكل من يطبق ادني مراتب الالتزام بشرع الله ،إلا أن منهم من يتسم بالأمانة في ذكر المعلومات والصدق في نقل الأخبار والموضوعية في تحليلها .
وأحرص علي القراءة لأصحاب الفكر المستنير من الكتاب العلمانيين وللحق أجد منهم إنصافا للرئيس وهؤلاء هم من يحبون الوطن أكثر من كراهيتهم للإخوان وأذكر منهم الكاتب والمفكر اليساري محمود الشربينى إذ قرأت له مؤخرا عبر بوابة الوفد مقال بعنوان " " يقر فيه بايجابيات الرئيس رغم اختلافه الفكري المتجذر مع جماعة الإخوان المسلمين ، وهذا النموذج يعد مثالا للاعلامى الإنسان الذي يعلى مصلحة وطنه على اختلافاته الفكرية مع ربان سفينة وطنه .
وليس ذلك ربطا مني بين كل من يحب الوطن ومحبة الرئيس أبدا ، فالحب والكره عملية نسبية والميل القلبي لشخص ما لا يتحكم فيه سوي الله ، لكني اقصد أن دعم استقرار البلد يتأتي عبر مساندة ودعم رمزها " الرئيس " أيا كان اسمه أو الرحم الفكري الذي ولد منه ، بدليل أنني كتبت آنفا أن لو نجح شفيق كنت أول من يدعمه - رغم اختلافي مع أفكاره - ، لكن نحن نتحدث عن وطن ضخم اكبر من كل الايدولوجيات ، كما عنونت مقال لي سابق بعنوان " تسقط الإخوان وتحيا مصر " قلت فيه تسقط الجماعة إن تعارضت مصالحها مع مصلحة مصر ذلك الكيان العظيم الذي يعيش داخل سويداء قلوبنا ولا نتردد ثانية واحدة قط لنصرته ودعمه .
اسأل الله أن يرزق مصر وسائر بلاد العرب والمسلمين الأمن والأمان ، وأن يجري الخير علي أقلام كتابها الشرفاء ومفكريها الأجلاء وإعلامييها الأمناء .