fiogf49gjkf0d

أحد الدبلوماسيين الإيطاليين قال:

الدبلوماسي يجلس على مقعد متقدم في مسرح تجري فوق خشبته أحداث كبرى يلعب بطولتها أشخاص مهمون.. وأحيانا يصبح هؤلاء الأشخاص في مقاعد صناع هذه الأحداث

والصحفي هو الآخر يجلس في مقاعد متقدمه.. ليشاهد هذه المسرحيات.. يتفاعل معها وينفعل بها.. ويبقى دائما محافظا على متابعة ما يجري من أحداث صنعها أبطال تاريخيون.. ويقترب منهم ويتعرف على بطولاتهم.. ثم يسجل حكاياتهم موضوعيه.

                                                                        حلقة (3)

"الثائر مزيوني مسعود"

*عام 1964

                هو الزمان

·       شاطئ النيل بالقرب من مدينة أسوان

                هو المكان

·       تحويل مجرى نهر النيل استعدادا لتشييد السد العالي

                هو المناسبة

·       الرئيس جمال عبدالناصر + نيكيتا خروشوف زعيم الاتحاد السوفيتي في ذلك الوقت + الرئيس العراقي عبدالسلام عارف رئيس جمهورية العراق + الشاب الثائر"مزيوني مسعود" أو الرئيس الجزائري أحمد بن بيلا

                هم الحاضرون

دعونا ندخل إلى الحكاية:

عبدالناصر وعارف وبن بيلا يتحدثون في خطاباتهم عن الوحدة العربية والقومية العربية.

نيكيتا خرشوف الزعيم السوفيتي يحتج.. ويقول:

تتحدثون عن الوحدة العربية وتطالبون بها .. ترفعون شعار القومية العربية.. فلماذا أنا بينكم..لا داعي لوجودي معكم.. وحتى يمكن أن أستمر بينكم لأشارككم الاحتفال بتحويل مجرى نهر النيل دعونا نهتف بوحدة الأيدي العاملة بدلا من الوحدة العربية ونرفع شعارا أوسع وأشمل من القومية العربية وهو شعار قومية الدول المتحررة أو المتقدمة.. أو التي تشترك في أهداف واحدة أبرزها التصدي للإمبريالية العالمية .

ورد جمال عبدالناصر على ما قاله الزعيم السوفيتي.. أكد عبدالناصر في رده أن القومية العربية في مفهومها وطبيعتها تختلف عن مفهوم القوميات الموجودة في الاتحاد السوفيتي.

&e633;&e633;

مشهد آخر..

خلال وجود الزعماء الضيوف حدث شرخ.. انقسموا في ضوء رؤية الزعيم السوفيتي إليهم.. كاد هذا الشرخ يهدد وجودهم.. كان الزعيم السوفيتي ينظر إلى الشاب الثائر "مزيوني مسعود" أو أحمد بن بيلا نظرة تختلف عن نظرته إلى الرئيس العراقي عبدالسلام عارف.. كان يقرب إليه "مزيوني مسعود" بن بيلا ويصف عارف بأوصاف غير طيبة.

انقسم الوفد إلى وفدين.. أو فريقين.. وفد أو فريق يتكون من خروشوف وبن بيلا يرافقهما الرئيس عبدالناصر.. والوفد الآخر يضم الرئيس العراقي عبدالسلام عارف يرافقه حسين الشافعي نائب الرئيس عبدالناصر.. كان هذا الإجراء لازما وضروريا.. حتى لا يتسع الشرخ.

&e633;&e633;

مشهد ثالث

جرت أحداث المشهد في مجلس الشعب المصري.. اجتماع حضره من الضيوف الزعيم السوفيتي وبن بيلا وعارف .. عبدالناصر يرحب بهم.. خروشوف يتحدث إلى الأعضاء.. تفاصيل الاجتماع منقولة عبر شاشات التلفزيون المصري وعبر ميكروفونات الإذاعات المصرية.. خروشوف يقول كلمته المرتجله على الهواء مباشرة:

أعرف حساسيتكم تجاه كلمتي الشيوعية أو الاشتراكية لا بأس.. دعونا ننادي بوحدة الأيدي العاملة.. دعونا ندعوكم إلى وحدة الدول التي تحترم حق العمل والعمال.. بدلا من وحدة الدول العربية التي تتعاون مع الإمبريالية العالمية.. وهاجم الزعيم السوفيتي بعض الدول بالاسم ومنها دولة الكويت.

وقام عبدالناصر بالرد على ما جاء في كلمة الزعيم السوفيتي.. وأكد تقديره للكويت وأميرها في ذلك الوقت سمو الشيخ عبدالله السالم الصباح.. يومها كان سفير الكويت في القاهرة المرحوم عبدالعزيز حسين.. وقرر جمال عبدالناصر:

إلغاء الجزء الذي تطاول فيه خروشوف على الكويت وعدم إذاعته من الإذاعة أو بثه عبر شاشات التلفزيون في حالة الإعادة.

حساسية الموقف ضد تصريحات خروشوف كادت تصل إلى درجة تهدد العلاقات المصرية السوفيتية.. لكن عبدالناصر نحى ذلك جانبا.. كان توتر العلاقات التي تربط بين مصر في ذلك الوقت مع الاتحاد السوفيتي قد يؤدي إلى تراجع الاتحاد السوفيتي عن تمويل بناء السد العالي.. لكن عبدالناصر لم يضع هذا الاعتبار في حساباته وهو يرد على خروشوف لأن القومية العربية والوحدة العربية واحترام الدول العربية وقادتها أغلى..

بقي شيء نلفت إليه النظر أن عبدالناصر سبق له أن تصدى للرد على خروشوف الذي كان معروفا عنه الاندفاع لدرجة انه رفع حذاءه وهو يتحدث في اجتماع إحدى دورات الجمعية العامة للأمم المتحدة.. وكان خروشوف قد هاجم عبدالناصر عام 1958 لموقفه من الشيوعيين المصريين والقبض عليهم.. يومها وصف خروشوف عبدالناصر بأنه شاب متهور فرد عليه عبدالناصر قائلا:

الحمد لله أنني متهور..لأن تهوري هو الذي دفعني إلى مطاردة الاستعمار البريطاني

 والتدخل الأمريكي وهو الذي سيدفعني للتصدي للاستعمار السوفيتي.

&e633;&e633;

نعود إلى الشاب الثائر "مزيوني مسعود" المعروف بأحمد بن بيلا وفي الحلقة القادمة نتحدث عن نصيحته لثوار فلسطين بعد ان استمع لشكواهم من عبدالناصر:

...................................................