fiogf49gjkf0d
أحد الدبلوماسيين الإيطاليين قال:

الدبلوماسي يجلس على مقعد متقدم في مسرح تجري فوق خشبته أحداث كبرى يلعب بطولتها أشخاص مهمون.. وأحيانا يصبح هؤلاء الأشخاص في مقاعد صناع هذه الأحداث.

والصحفي هو الآخر يجلس في مقاعد متقدمه.. ليشاهد هذه المسرحيات.. يتفاعل معها وينفعل بها.. ويبقى دائما محافظا على متابعة ما يجري من أحداث صنعها أبطال تاريخيون.. ويقترب منهم ويتعرف على بطولاتهم.. ثم يسجل حكاياتهم موضوعيه.

 حلقة (2)

"الثائر مزياني مسعود"

حذر الرئيس جمال عبدالناصر الشاب "مزيوني مسعود" (أحمد بن بيلا) من تلاعب المخربين.. وضرورة التحلي بالصبر والحذر وذلك مساء يوم 15 أكتوبر 1956.

هكذا يقول فتحي الديب الذي كلفه عبدالناصر بتنفيذ سياسة مصر العربية..

وأضاف الديب:

ان عبدالناصر وهو يحذر "بن بيلا" أكد أن لديه إحساسا بتدبير مؤامرة في الخفاء بواسطة فرنسا وعملائها.

وبالفعل حدث ما حذر منــه عبـدالناصر، فقد قامت السلطات الفرنسـية باختطاف الطائرة التي تقل "بن بيلا ورفاقه" يوم 22 أكتوبر 1956 أي بعد تحذير عبدالناصر بأسبوع .

ويقول خبراء كثيرون ان اختطاف فرنسا لطائرة "بن بيلا" هو أول اختطاف لطائرة وهي تحلق في الجو.

&e633;&e633;

ردود فعل كثيرة لعملية اختطاف طائرة "بن بيلا":

* في فرنسا تحركت السلطات الفرنسية لتوحي بأن عملية الاختطاف تمت نتيجة لإدانة موقف مصر المؤيد لثورة الجزائر.

* حاولت السلطات الفرنسية إحداث بلبلة في صفوف الثورة الجزائرية، وأن ثمة وثائق مهمة استولت عليها مع بن بيلا ورفاقه.

* أحدث خطف فرنسا لطائرة بن بيلا شرخا في الصفوف الفرنسية تمثل في استقالة نائب وزير خارجية فرنسا احتجاجا على أسلوب الاختطاف.

* أعلنت 25 دولة آسيوية أفريقية احتجاجها على الاختطاف.

* جامعة الدول العربية تحركت لإدانة العدوان.

&e633;&e633;

نقل بن بيلا ورفاقه إلى سجون فرنسا.. واستمر اعتقالهم حتى عام 1962 وكان قرار بن بيلا ورفاقه الحضور إلى مصر، حيث وصلت طائرة تقلهم مع فتحي الديب إلى مطار أنشاص بمصر مع أول ضوء يوم 31 مارس 1962.

يقول فتحي الديب وصفا لخطة الوصول:

فتحت أبواب الطائرة.. الفريق محمد صدقي محمود قائد سلاح الطيران يستقبل ركاب الطائرة.. بعد استراحة أقلعت طائرة مطار أنشاص تقل بن بيلا ورفاقه متجهة إلى مطار ألماظة في الساعة 11,30.. هبطت الطائرة مطار ألماظة.. تحول مطار ألماظة إلى خلية نحل.. رسميون وممثلو الشعب في استقبال بن بيلا ورفاقه.. جمال عبدالناصر يتقدم إلى سلم الطائرة ليكون في استقبال "مزيوني مسعود" ورفاقه عبدالناصر يعانقهم.. اللقاء تاريخي يحمل مشاعر الحب والإخاء.. الرئيس ناصر وضيوفه في سيارة مكشوفة.. السيارات المكشوفة تخترق شوارع مصر الجديدة إلى قصر القبة.. أكبر مظاهرة شعبية أحاطت بالضيوف.. موكب الضيوف قطع المسافة بين مطار ألماظة والقصر في 3 ساعات بعد استراحة للضيوف.. كان موعد اللقاء الثاني على مائدة العشاء في منزل عبدالناصر.. لحظة وصول بن بيلا ورفاقه أطلقت المدفعية.

&e633;&e633;

الآن المشهد في صالة التحرير بأخبار اليوم..

الساعة الآن الرابعة بعد ظهر 31 مارس 1962.. في صالة التحرير يظهر نائب رئيس التحرير المرحوم عبدالسلام داود مشغولا بمراجعة المانشيتات وكنت معه مسئولا عن المراجعة.. وبعض زملاء في أقسام الأخبار والتحقيقات الصحفية والقسم الخارجي.

وفجأة وجدنا "مصطفى أمين" رائد الصحافة العربية الحديثة يدخل صالة التحرير.. كان يومها رئيسا لمجلس إدارة دار الهلال بعد أن نقل من أخبار اليوم.

وقفنا أمامه احتراما وتقديرا كتلاميذ نرحب بزيارته.. سأل عبدالسلام داود:

كتبتم المانشيتات.

أجاب:

نعم وعرضها عليه.

فوجئنا به يسأل:

هل سمعتم المدافع؟

نعم

أخرج مصطفى أمين قلمه وغير في المانشيتات.

كان المانشيت الرئيسي (خرج الشعب لاستقبال بن بيلا وزملائه) لكن أستاذنا مصطفى أمين كتب بخط يده.

أطلقنا المدافع

 وخرج الشعب لاستقبال بن بيلا وزملائه.

&e633;&e633;

المانشيت الذي وضعه مصطفى أمين ليس من باب الإثارة الصحفية كما يدعي الذين كانوا يروجون أن مدرسة أخبار اليوم ومؤسسها مدرسة الإثارة الصحفية.. بمعنى المبالغة والتهويل، وإنما المانشيت له معنى سياسي يلفت انتباه المراقبين السياسيين في وزارات الخارجية في العالم والذين يسعون إلى معرفة موقف القاهرة السياسي في ذلك من ثورة الجزائر، والجزائر الدولة المستقلة ذات السيادة ومن أحمد بن بيلا يقضى.. المانشيت الذي وضعه مصطفى أمين:

* بأن القاهرة تعلن اعترافها بالدولة الشقيقة الوليدة.

* بأن القاهرة تعامل بن بيلا معاملة رؤساء الدول على الرغم من أنه كان لا يزال وزيرا ومعتقلا سياسيا أفرج عنه.

* أن القاهرة وهي تعامل أحمد بن بيلا أو الشاب "مزيوني مسعود" معاملة رؤساء الدول فإنها تنحاز إلى بن بيلا في الصراع السياسي بين فصائل الثورة الجزائرية والتي كانت متمثلة في وجود حكومة "يوسف بن خده" و"فرحات عباس"

........................................................

وغداً حكاية جديدة.