fiogf49gjkf0d

 قلنا في الحلقات السابقة ان عبدالمنعم عبدالرؤوف فصل من الهيئة التنفيذية للضباط الأحرار في بداية عام 1952.

وقامت الثورة في 23 يوليو 1952 وهو آخر من يعلم .. وبقي حتى مساء 23 يوليو في بيته دون أن يتصل به أحد.

وقرر عبدالمنعم عبدالرؤوف أن يذهب إلى مقر القيادة العامة للقوات المسلحة ليهنئ بنجاح الثورة، ويتلقى التعليمات كضابط ميدان يقضي اجازة في القاهرة.

وكانت التعليمات بناء على تدخل كمال الدين حسين والسفر إلى الإسكندرية لمحاصرة قصر رأس التين الذي بداخله الملك فاروق تمهيدا لنفيه إلى الخارج.

وذكرنا أن عبدالمنعم عبدالرؤوف طلب إعادته إلى سلاحه الأصلي وهو سلاح الطيران.. وأن الاستجابة إلى طلبه كانت مشروطة:

الترقية إلى رتبة لواء.. ثم نقله إلى الطيران المدني.. وعدم ارتدائه الزي العسكري وقبوله لذلك.

وقام عبدالمنعم عبدالرؤوف بالشكوى إلى الهضيبي المرشد العام للإخوان المسلمين الذي قال له:

إذا كان الجيش قد فصلك فالإخوان يرحبون بك.

كل ما ذكرناه كان صادرا عن عبدالمنعم عبدالرؤوف نفسه.. وفي كل المراحل كانت علاقته بعبدالناصر جيدة.

وفي الحلقة الرابعة من هذه الحكاية وقفنا عند:

الزمان: الساعة الثامنة من مساء يوم 18/1/1954 .. جرس الباب يدق بشدة.. عبدالمنعم عبدالرؤوف يسرع لفتح الباب.. ويجد نفسه أمام مفاجأة:

3 شبان يرتدون الملابس المدنية.. الشبان الثلاثة في وضع متحفز.. أيديهم في جيوبهم.. أحد الشبان يسأل:

أين سكن قائد اللواء الجوي عبدالمنعم عبدالرؤوف؟

عبدالرؤوف يرد:

أنا عبدالمنعم عبدالرؤوف الذي تسأل عنه..

الشاب:

من فضلك ارتد ملابسك.. سوف نذهب معا لمقابلة رئيس الوزراء جمال عبدالناصر.

عبدالرؤوف فتح لهم الباب.. أدخلهم غرفة الاستقبال.

رؤوف يقول للشبان:

لماذا لم يتصل بي عبدالناصر ليستدعيني بدلا من هذه الطريقة الشاذة؟

وأضاف للسؤال.. سؤالا آخر:

من أرسلكم..؟

الشبان يردون:

قائد البوليس الحربي البكباشي أحمد أنور..

رؤوف يسأل:

غريبة.. وما علاقة البوليس الحربي بالمقابلة مع عبدالناصر؟

وأضاف:

ربما حدث انقلاب.. وأراد قائد البوليس الحربي اعتقالي حتى تستقر الأمور
الشبان يردون:

كل شيء هادئ في الخارج.. ليس هناك انقلاب.

رؤوف يسأل:

هل أحضر ملابسي؟

الشبان يوافقون..

رؤوف فهم أنه مطلوب اعتقاله.. ودع زوجته وابنتيه عزة وعبلة.

&e633;&e633;

خرج رؤوف والشبان الثلاثة "اتجهوا إلى سيارة عسكرية" واتجهت بهم إلى سجن البوليس الحربي.

وجد رؤوف نفسه بعد ذلك في الزنزانة رقم 9.. ظل نور الزنزانة مضاء طوال الليل.. عيون الحرس تتركز على الزنزانة.

رؤوف عرف أنه من بين الذين جرى اعتقالهم:

البكباشي أبوالمكارم عبدالحي والصاغ حسين حمودة والصاغ معروف الحضري والصاغ طبيب محمد حسين غراب.. وكلهم من الإخوان وعدد آخر من صغار الضباط.

ثم وجد رؤوف نفسه أمام زكريا محيي الدين للتحقيق معه.

ويقول رؤوف أن زكريا عامله بفتور واستعلاء

وقال رؤوف: يؤسفني أن أخي وصديقي جمال عبدالناصر يعاملني بهذا الأسلوب:

إحالة مبكرة إلى المعاش.. الزج في زنزانة البوليس الحربي.. وجودي في السجن لمدة شهر دون تحقيق.

ثم كان التحقيق وسؤال من زكريا محيي الدين:

نحن على استعداد لإخلاء سبيلك.. إذا ساعدتنا!!

وأجاب رؤوف:

أفهم ما ترمي إليه!! لست أنا الذي يبيع مبادئه.. انتم تعرفون جهادي ونضالي، لكنكم تعاملونني بقسوة.

المهم رؤوف معتقل لأنه مشارك في مؤامرة ضد الثورة.

&e633;&e633;

عفوا دعونا نتوقف أمام شهادة لعالم ومفكر كبير.. قالها لي والله على ما أقول شهيد..

في منزله بلؤلؤة المرزوق المطلة على شاطئ الخليج العربي بدولة الكويت.. تم لقاء بين العالم الجليل والمفكر عبدالعزيز كامل الذي شغل منصبي الوزير ونائب رئيس الوزراء في مصر.. ثم جاء إلى الكويت فشغل مناصب مهمه أبرزها مدير جامعة الكويت وأخيرا مستشار أمير الكويت الشيخ جابر الأحمد الصباح "رحمهما الله "

قلت للدكتور عبدالعزيز كامل وهو قطب من أقطاب الإخوان الذين سجنوا في بداية الثورة:

عملت مع الرئيس عبدالناصر والرئيس أنور السادات فما الفارق بينهما من وجهة نظرك وفي ضوء تجربتك؟

أجابني"رحمه الله " :

بعد هزيمة 1967.. وبعد الأحداث التي شهدتها مصر عام 1968 استدعاني الرئيس عبدالناصر.. وقال لي:

يا دكتور عبدالعزيز.. لقد سجنتك في بداية الثورة.. كنت وقتها تواصل دراستك العليا.. والآن أنا استدعيتك لأسجنك في الوزارة.

وقال لي الدكتور عبدالعزيز كامل أيضا:

"عبدالناصر لم يسجن أحدا من زملائه.. بينما فعل ذلك الرئيس السادات وقدمهم للمحاكمة وعاقبهم بالسجن.

وقال الدكتور عبدالعزيز كامل "يرحمه الله" أيضا وأقسم على أن ما قاله لي عندما قابلته في منزله بلؤلؤة المرزوق.. والله على ما أقول شهيد..

 أذكر لك ما قال لي جمال عبدالناصر: "يا دكتور عبدالعزيز أنت تعرف عبدالمنعم عبدالرؤوف.. وجدت أن وجوده خارج السجن يهدد الثورة.. ويهدد أمنها.. هو يجند الضباط وضباط الصف لحساب الإخوان والقيام بانقلاب ضد الثورة.. لكن هل يجوز أن أسجن رفيق سلاح ورفيق نضال في يوم من الأيام؟

وقلت لنفسي.. أمن الثورة خط أحمر لا يجوز تخطيه.. إذن ليدخل رؤوف السجن وحقيقة لقد عشت صراعا.. كيف أسجن رفيق السلاح والنضال؟

وتتواصل شهادة الدكتور عبدالعزيز كامل عن رواية عبدالناصر له:

وضعنا خطة لتهريب عبدالمنعم رؤوف من السجن.. وكانت تقضي الخطة بالتالي:

1-   سيارة شرطة عسكرية تصل إلى السجن بحجة نقل رؤوف إلى سجن آخر.

2-   تمكين عبدالمنعم عبدالرؤوف من السفر إلى خارج مصر.

3-   في كل مرحلة من مراحل وضع الخطة لهروب عبدالمنعم عبدالرؤوف كنا نشعره أنها من تخطيطه وتخطيط الإخوان حتى لا نجرح مشاعره كمقاتل.

ونجحت الخطة:

وانتهت شهادة عبدالعزيز كامل "يرحمه الله" وسجلت الحوار بيني وبين الدكتور عبدالعزيز في ثلاث حلقات نشرت في جريدة أجيال التي كانت تصدر عن مؤسسة فهد المرزوق الصحفية.

حكيت تفاصيل الحوار إلى أحد ضباط الجيش من أقربائي وهو في نفس الوقت قريب لعبدالمنعم عبدالرؤوف حيث تنتمي السيدة والدته "يرحمها الله" إلى عائلة أبو الفضل ووالدها ووالد عبدالمنعم عبدالرؤوف أبناء عمومة.. وعائلة أبوالفضل من عائلات قرية "صفط الحرية" احدى قرى محافظة البحيرة.. أخبرني قريبي الضابط أن رؤوف كلفه بجمع معلومات وتحليل أحداث تساعده في كتابة مذكراته.. وضعت أمامه شهادة المرحوم الدكتور عبدالعزيز كامل لإبلاغها إلى خاله عبدالمنعم.. الذي علق على الشهادة بقوله:

الذي حكي الحكاية كذاب.. والذي سجلها كذاب!!

&e633;&e633;

وما زلنا نبحث عن إجابة عن السؤال:

هل تتكرر الصورة بعد 58 عاما.. غداً نواصل..