fiogf49gjkf0d
طيب!!!
 
بلد «صفقات» صحيح
 
.. في حدود معلوماتي القانونية المحدودة، فإن القاضي يتنحى عن القضية عندما «يستشعر الحرج» لأي سبب كان، كاكتشاف ان احد المتهمين أو المحامين يمت له بصلة قرابة، أو لوجود مصالح مشتركة، أو حتى أي اسباب شخصية لا يود الافصاح عنها.
ولكن في حالة تنحي هيئة المحكمة التي تنظر قضية ملف التمويل الاجنبي بقضاتها الثلاثة يصعب تصور وجود أي صلة لهم مع 19 متهما امريكيا ضمن 43 متهما في القضية، وبالتالي فالمفهوم ان هيئة المحكمة الموقرة تنحت بسبب تعرضها لـ«ضغوط» من جهة ما، قد تكون السفارة الامريكية مباشرة، وانا شخصيا أستبعد قيام أولاد العم سام بحماقة من هذا النوع،.. فيبقى الاحتمال الاقرب للعقل هو محاولة الضغط على القضاة الافاضل من جهة «سيادية» ما.. لتحقيق هدف «ما» لم يكشف عنه بعد.
فإذا ربطنا قرار التنحي لاستشعار الحرج نتيجة الضغوط بما صرحت به وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون التي «انسحبت» من لسانها قائلة: «نجري مباحثات مكثفة مع الحكومة المصرية لتسوية هذا الملف.. وأعتقد أننا نقترب من حل».
وأعتقد أن مثل هذا التصريح «الغبي» و«الوقح» و«المستفز» حول قضية منظورة أمام القضاء المصري الشامخ، يكفي وحده، دون أي ضغوط، سبباً لاستشعار القضاة المحترمين الحرج، كونه يعكس تلميحاً لإمكانية تدخل الحكومة المصرية في عمل القضاء، وهو ما كنا نظن أنه انتهى مع نهاية عصر مبارك المخلوع.
وذلك دون أن أتطرف في سوء الظن متهماً هذه الجهة «السيادية» الغامضة بالاتصال بالقضاة، وإن كان «بعض» العقل.. و«كثير» من المنطق يدفعان في هذا الاتجاه، وذلك للأسباب التالية:
أولاً: في السياسة، التي هي فن الممكن، كل شيء مباح، وربما اعتبرت هذه الجهة «السيادية» أن موقف الـ19 أمريكيا في القضية ضعيف وقد يدانون؛ فبدأت التفاوض لـ«حل المسألة» في اطار صفقة عملية، ربما تتضمن الافراج عن مصريين مسجونين في الولايات المتحدة مثل الشيخ عمر عبدالرحمن مثلا.
ثانيا: عمليا.. حتى لو أدين الـ19 أمريكيا، فماذا ستستفيد مصر من سجنهم داخل مصر؟.. وحتى لو اعتبرناهم جواسيس ففي عالم السياسة تتم «مقايضة» الجواسيس مقابل مسجونين أو مصالح أو مطالب يتم توثيقها في اتفاقيات، كتعديل شروط «الملعونة» الأمريكية المجحفة، وزيادتها بدلا من التهديد بقطعها مع الحفاظ الكامل على السيادة المصرية، والكرامة الوطنية.
وخاصة ان العلاقات مع واشنطن - شئنا أم أبينا ودون صيحات جوفاء - يجب أن تستمر لمصلحة الطرفين، ويجب أن تتحول لعلاقة تحافظ على استقلالنا وكرامتنا الوطنية، وتضع مصر في مكانها الصحيح الذي تستحقه، بعد أن حوّلَنا نظام مبارك المخلوع إلى «خدام» لماما أمريكا بسياساته الانبطاحية.
وحفظ الله مصر وشعبها من كل سوء.
 
حسام فتحي
hossam@alwatan.com.kw
@hossamfathy66