fiogf49gjkf0d
في الذكرى الأولى لثورة 25 يناير- كتب/ سعيد مندور
 
اليوم الأربعاء الخامس والعشرون من يناير 2012، أي بعد عام من الزمن بالكمال والتمام، وفي هذا اليوم العظيم لا بد وأن نقف جميعاً دقيقة حداد ونقرأ الفاتحة على أرواح شهدائنا الأبرار، ونشد على أيدي المصابين ونواسيهم في مصابهم الأليم، هؤلاء الذين ضحوا من أجل العيش والحرية والكرامة الإنسانية، من أجل أن ننعم نحن والأجيال القادمة بتلك الأهداف السامية التي قامت من أجلها هذه الثورة العظيمة والتي قامت لتغير ما كنا فيه من جهل وفساد وتخلف وأمراض وانحصار وتقوقع، لقد نزلوا الشباب إلى الشوارع والميادين غير مبالين بالقيود الأمنية العاتية يحملون أعلام مصر ويهتفون بشعارات الثورة بعد أن تقطعت بهم كل السبل في تحقيق أي هدف أو مستقبل واضح لهم، فهؤلاء الشباب لم يكونوا خارجين علي القانون ولم يكونوا من البلطجية كما صورهم البعض، فقد أشعلوا حماس الشعب بأكمله والتحم معهم ونزلوا جميعاً للميادين رجالاً ونساءً وأطفال، كما أن هؤلاء الشباب أشعلوا حماس شباب العالم ونالوا الكثير من المدح والثناء من شعوب العالم الحر وحتى من أكبر رؤساء دول العالم، فإنها ثورة وليست انتفاضة أو مظاهرة كما صورها الحاقدين في البداية، فقد كان الشباب وقود تلك الثورة وقد كان الشعب بأكمله أعمدة تلك الثورة، وقد كانت قوات الجيش المصري العظيم غطاء لهم من رأس النظام السابق وحاشيته الأشرار الفاسدين، عندما نزلت إلى الشوارع والميادين فقد غطت قوات الجيش المصري ظهورهم من رصاصات الغدر التي كانت تصطاد وتصيب وتحصد فيهم وكأنهم أعداء للوطن، فقد كانت مشاعر المصريين في هذا المشهد العظيم عند نزول قوات الجيش تتجاوز كل الحدود والمشاعر فأطفالنا الصغار وشبابنا الأحرار ورجالنا العظام ونسائنا الشريفات الكل كان يعانق أفراد الجيش وضباطه ويعتلون الدبابات والمدرعات ويرددون (الجيش والشعب ايد واحدة)، فكان ميدان التحرير ملحمة من ملاحم الشعب المصري عندما انصهر فيه المسلم مع المسيحي والسلفي مع الإخواني واللبرالي والعلماني الجميع جسد واحد وطيف واحد ولا تستطيع أن تميز بينهم فهؤلاء هم المصريين بشهامتهم وشجاعتهم واتحادهم أثناء المخاطر والمحن، واستطاعوا بهذا التلاحم أن يسقطوا أعتى نظام في المنطقة العربية. ولكن .. وبدون مقدمات تغيرت النفوس والمواقف وحلت علينا لعنة تقسيم الغنائم وظهرت الصراعات والخلافات والأهواء والمصالح الشخصية، ووجدنا الصورة والمشهد الجميل الرائع تغير وبدء الشارع المصري ينقسم إلى تيارات وشعارات أخرى لم نشهدها من قبل حتى وصلت بنا الانقسامات إلي ذروتها في صورة ما بين ميدان التحرير وميدان العباسية بين مؤيدين للثورة ورافضين لها، وساعدهم في ذلك الإعلام وانقسامه وتبنيه إدارة المعارك الإعلامية المرئية والمسموعة والمكتوبة وكان من بينهم والأخطر تأثيراً وسائل الاتصال الحديثة (الفيس بوك) و (التويتر) وغيرها والتي دارت بلا ضمير أو رقيب والتي ساعدت على بث روح الفرقة حتى وصلت إلى درجة الوقيعة ما بين الأخ وأخيه لتقسيمنا شيعاً وأحزاباً، ومنا من لا يعلم ما يحاك لمصر من وراء تلك المعارك، فالإعلام ووسائل الاتصال الحديثة ساعدت بصورة كبيرة في هذه الانقسامات والاختلافات رغم أنها في الأصل ليست بمواضيع مهمة ولا تأتي في مقدمة أولويات الشعوب الواعية التي تتطلع للحرية، فكان من المفترض أن نعلو على كل هذه الأمور ونرفع من شأن الدولة، ولنتفق ونتوافق على القواسم المشتركة، ولنؤجل الآن المصالح الشخصية والحزبية والفئوية. فالآن أصبح لدينا برلمان وأعضاء اختارهم جموع الشعب المصري من لهم أصوات انتخابية، وقد انعقد البرلمان وبدء أولى جلساته في الثالث والعشرون من يناير، وكان بداية جلساته مبشرة بانحيازه إلى الثورة وتبني أهدافها، وهذا بث روح التفائل في نفوس الجميع، وكان هذا من إنجازات الثورة في بناء المؤسسات التي فقدناها عند اسقاط النظام السابق ليكون بناؤها على أسس ديمقراطية حرة، وكذلك لمسنا عودة الأمن بنزول رجال الشرطة إلى الشارع وتفاعلهم مع الجمهور وقيامهم بواجباتهم لتخليص الوطن من بلطجية وسوابق النظام السابق الفاسد، وكذلك لدينا مجلس وزراء (حكومة إنقاذ وطني) على رأسها رئيس وزراء يعمل باليوم بل بالساعة، وقد لمسنا بعض الإيجابيات التي تتماشى مع أهداف الثورة من تحديد الأجور وإنشاء هيئة مستقلة للشهداء والمصابين، من الممكن أن تكون في الوقت الحالي لا تتناسب مع ما نتطلع إليه ولكن ها هي خطوة إلى الأمام، والآن كذلك مصر بدون حالة طوارئ وقد تم إلغائها إلا في حالة التعامل مع البلطجية، وهذا ما كانت تهدف إليه الثورة، والآن لدينا رأس النظام السابق وزبانيته قابعين في السجون وجاري محاكمتهم ومن الممكن أن تطول مدة تلك المحاكمات، ولكن ليس من الممكن أن لا تتحقق العدالة، وأشياء أخرى إيجابية كانت من نتائج الثورة ويكفينا أنك نائم الآن في بيتك وأنت آمن و تمشي في الشارع وأنت لست مهدد من الأجهزة الأمنية أو البلطجية، فقد يكون من الصعب تحقيق كل ما نتطلع إليه في تلك السنة الفائتة ولكن من الممكن أن نكون لمسنا بعض الحرية. فنسأل كل الثوار القليل من الهدوء لنبني ما أفسده النظام البائد، فهي تركة ثقيلة يعجز الكثير منا في إعادتها في ظل تلك الأحداث المتسارعة بالصورة التي تليق بالثورة، ولننظر إلى ما تحقق ونتطلع إلى المستقبل القريب يملئه الأمن والأمان ودفع عجلة الإنتاج لتعود مصرنا الحبيبة شامخة رائدة في المنطقة العربية والعالم، مع الاحتفاظ بالحق المشروع في تحقيق أهداف الثورة، وفي تلك الذكرى العزيزة على قلوبنا أناشد الجميع أن يتذكر الألفة والمودة والوحدة التي كانت في بداية قيام الثورة فهي سر من أسرار تلك الثورة. وحفظك الله يا مصر،،
 سعيد مندور
 Sism59@hotmail.com ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ