fiogf49gjkf0d
الشباب... والثورة
عندما يفكر المرء فيما حدث في المحروسة خلال العام المنصرم بدءا من يناير 2011 وحتى نهاية العام يكتشف العديد من الأمور التي غابت عنه ولم ينتبه إليها في زحمة الأحداث التي حدثت في المحروسة أولا، وفي العالم العربي ثانيا، ومع عملية الاكتشاف تتوارد إلى الذهن العديد من الأسئلة التي تبحث عمن يجيب عنها، ومنها ما يجري حاليا من محاولات بعض القوى السياسية تسفيه الشباب وإظهارهم على أنهم مجموعة من البلطجية، أو مجموعة من الشباب المرتشي الذي يعمل لصالح جهات أجنبية، ولصالح أجندات خاصة به، ويصل الأمر بتلك القوى إلى حد تسفيه الثورة والتأكيد على إنها وراء كل المشاكل الأمنية والاجتماعية والاقتصادية التي تتعرض لها المحروسة الآن، والسؤال الذي يطرح نفسه لماذا تسفه تلك القوى عملا نجح في تغيير كثير من الأمور خلال عام واحد وسيغير بمشيئة الله وعزم الشباب أمورا أخرى كثيرة ستعيد المحروسة إلى المسار الصحيح، بعدما اختطفها العسكر منذ محمد نجيب وحتى المخلوع حسنى مبارك، بعدما عاثوا فيها الفساد وأوصلونا إلى ما نحن عليه الآن من زيف في كل أمر من أمور حياتنا، لماذا يظهر بيننا دائما من يحتقر ويسفه عمل الآخرين، وهل هذا المنطق هو إرث حضاري ؟ أم أن العسكر الذين تعاقبوا على حكمنا لم يفلحوا في تربيتنا التربية الصحيحة التي تحترم الآخر، وتحترم ما يقوم به من عمل، لماذا لا ننظر إلى الجمال في عمل الآخرين ونتخلى عن الذات والأنانية الواضحة الهادفة إعلاء الذات، لماذا نعمل على تسفيه عملا ثوريا شهد به وله العالم من أقصاه إلى أقصاه، لماذا نسعى لتسفيه الشباب الذي صدم العالم بحيويته وفكره وعزمه وتخطيطه وثقافته، وأسس منهجا جديدا في التعامل مع الأزمات لماذا ولماذا ولماذا ؟
 
 أسئلة كثيرة تحتاج إلى منْ يجيب عنها من حكماء وعقلاء المحروسة، وتحتاج كذلك إلى إجابات واضحة من المسئولين الساعين إلى إقصاء شباب الثورة وإفشال مشروعهم القومي الهادف إلى إعادة الكرامة والعزة إلى أبناء الشعب المصري، فبدلا من إن يتم الاستعانة بهم وتسخير قدراتهم العلمية والمنهجية التي ظهرت من خلال التخطيط والتنظيم فضلا عن العزيمة الصلبة التي يتمتعون بها، يتم إقصاءهم وتسفيههم، وبدلا من إن نحتفل بهم ونشيد لهم صروحا تشهد على إنجازاتهم، نتهمهم بالبلطجة والخيانة والعمالة وغير ذلك من التهم المعلبة التي أبدع في صنعها النظام البائد ورسخها في مفاهيمنا، ولا زلنا نسير عليها، متى سنهتم بالشباب ونمنحهم الفرصة ليعبروا عن أنفسهم بدلا من الزج بهم في السجون والمعتقلات، متى سيكون لدينا مشروعا ورؤية واضحة لطاقة معطلة منذ سنين طويلة سيكون لها شأن عظيم إذا تم تسخيرها واستغلالها بالشكل الصحيح، متى سيمنح المسئولين الفرصة للشباب كي يعبروا عن أنفسهم، ومتى سيقتنع المسئولين ان سنة الله في الأرض هي سنة التغيير، وبالتالي عليهم ان يؤهلوا الشباب ليكون لدينا صف ثاني، وثالث، ورابع قادر على النهوض بمصرنا الحبيبة، متى ومتى ، تضاف إلى ماذا وماذا، ولماذا ولماذا، ولكن هل هناك آذان تسمع أو قلوب تصغى، أو عقول تعي، أم لدينا قلوب غلف، وعقول متحجرة لا تريد لنا أن ننهض من كبوتنا، ولا نريد لنا ان نسير في ركب الأمم المتقدمة، لتحقيق مآربهم المتمثلة في السيطرة على مقاليد الحكم ، وبالتالي السيطرة على مقدراتنا واستغلالها لمصالحهم الشخصية . كلمة أخيرة : تمنيت أن أكون من بين شباب الثورة الذين لم يصدمونا بعزيمتهم وصمودهم فقط، بل وصفعونا نحن أبناء الجيل الأقدم على وجوهنا لأننا استسلامنا لواقع أليم، وسلمنا إرادتنا لشرذمة من البشر أضاعونا وأضاعوا مصرنا الحبيبة .