fiogf49gjkf0d
المؤامرة...(2) امسك فلول!
بقلم : محمد يسري موافي
 
بالصدفة البحتة...اليوم 27 ديسمبر 1979 يصادف الاجتياح السوفيتي لأفغانستان، وهذا التاريخ هو بداية للمؤامرة الكبرى التي حدثت للعرب والمسلمين، وتتلخص هذه القصة في أنه بعد هذا الاجتياح، وخوف واشنطن على مصالحها في منطقة بحر قزوين، دعت – ولا أود أن أقول أمرت – الدول العربية والإسلامية إلى التدخل وفتح مكاتب للجهاد في افغانستان، تصوروا امريكا تدعو المسلمين والعرب إلى الجهاد! بعد أن رضخت الأنظمة العربية لكسب ود العم سام صدرت صفوة شبابها للجهاد وتنافست الحركات الإسلامية لتقديم المعونة والأموال لهذا الجهاد وكان من ضمنهم اسامة بن لادن من السعودية وايمن الظواهري من مصر وغيرهم الكثير، فالتقوا بالعميل الأمريكي قلب الدين حكمتيار الذي حصل على الأموال والأسلحة من واشنطن ومن المسلمين والعرب وأخذ يدرب هؤلاء المجاهدين لأغراضه الشخصية وهي أن يعيد تصديرهم إلى دولهم محاولين اسقاطها وإعلان الخلافة الاسلامية فيها وأن يصبح أميراً للمسلمين! وهذا الدور ما رسمته له المخابرات المركزية الأمريكية إلا أن تطور الأحداث وانتصار المجاهدين الحقيقيين في الحرب بزعامة أحمد شاه مسعود الذي تم اغتياله حتى لا يبين للعالم زيف ادعاءات حكمتيار بأن مجاهديه هم من انتصروا أجهض المخطط الأمريكي، وبدأت المؤامرة في افغانستان وظهرت الحركة الطلابية (طالبان) وانشغلوا بتقسيم الغنائم فيما بينهم واندلعت الحرب الأهلية، وبقي العميل الأمريكي موجوداً حتى وضعت الخطط البديلة. بدأت الخطة البديلة وهي تصدير المجاهدين لدولهم وبدأوا في القيام بالأعمال الإرهابية تبعاً للمصالح الأمريكية واستخدام هذه الأعمال في الضغط على الأنظمة، لكن أحد الأجهزة الاستخباراتية العربية الكبرى أوضح هذا المخطط وأجهضه، فتحولت الخطط الأمريكية سريعاً إلى المواجهة المركزة لضرب التضامن العربي خاصة بعد أن أعلنت مصر والعراق والأردن واليمن تأسيس مجلس التعاون العربي عام 1989 من جهة وإنهاء الحرب الباردة مع السوفييت من جهة أخرى، فخشيت واشنطن، وما دمنا نتحدث عن واشنطن ومؤامراتها علينا فمن البديهي أن كل ما تقوم به يصب في صالح طفلتها المدللة إسرائيل، ولا أشك لحظة بأن كل ما يحدث من تدبير إسرائيل عن طريق اليهود الأمريكيين! انهارت الشيوعية في دول أوروبا الشرقية وسقط سور برلين في عام 1989 قامت القوات العراقية بغزو الأراضي الكويتية في 2 أغسطس 1991 وضربت الوحدة العربية في مقتل وانهار الاتحاد السوفييتي وتفكك إلى 15 دولة مستقلة في 19 أغسطس 1991 وبدأ يطفوا على السطح القطب الأوحد الذي يتحكم في العالم، وبدأت بعد ذلك الهيمنة الأمريكية، فكيف بدأت الهيمنة الأمريكية؟ وما دور الحركة السفلية والجهاد الإسلامي وتنظيم القاعدة؟ وحقيقة التعاون بين الإخوان المسلمين وواشنطن؟ سنتناولها ذلك غداً إن شاء الله ملحوظة: الأحداث كثيرة والتواريخ متقاربة ومزدحمة، ونحن هنا لا نؤرخ لأي أحداث بل نحاول ربط ما يحدث الآن على أرض الواقع مع الخلفيات التاريخية دون التفاصيل ليتسنى للقارئ أخذ فكرة عامة لنتائج ما يحدث.
*******
عندما يدور حديث بين بعض المصريين في أحد القضايا الخاصة بما حدث في مصر مؤخراً، يثار الجدل بينهما ويشتد الحديث وتجد أن سيلاً من الاتهامات والتخوين تأتي من الجانبين فإن كنت مؤيداً لما يحدث فأنت مع الثوار الأحرار الأبرار الشطار! وإن كنت معارضاً أو لك وجهة نظر معينة فتصبح من الفلول!! فعن أي فلول تتحدثون؟ لا أحد ينكر أن أعضاء الحزب الوطني المنحل كانوا من المنتفعين من النظام السابق، وكان العامة ينظرون إليهم وكأنهم كائنات فضائية بعيدة كل البعد عن اهتمامات وطموحات الشعب لأنهم وجدوا ضمن منظومة من المصالح والمحسوبية والأنانية وحب الذات والكثير من أدوات الفساد، لكن المنطق والعقل يؤكدان أننا نتعامل مع بشر وليسوا ملائكة وأن أي شخص سيحصل على منصب ستوجه إليه أصابع الاتهام بأنه فاسد بدون أدلة أو براهين فإما أن يكون فاسداً أو شريفاً، لكن منظومة الفساد ستظل وستأتي بفاسدين آخرين وهكذا. يذكرني هذا بحديث دار بيني وبين أحد الشعراء المغمورين منذ أكثر من ست سنوات ورأيته يكيل الاتهامات للنظام السابق وأنه فاسد ويسرق وأنه يتمنى أن يقذفه بحذائه و... و.... و... وعندما سألته هل رأيته وهو يسرق أكد لي أن كلهم (حرامية) أي تهمة من غير دليل – فالجميع يتكلم ولا يفعل - وهذا الانطباع السائد بسبب نقص المصارحة والشفافية وانعدام الثقة بين السلطة والشعب، وعندما اثبت له خطأ ادعائه قال لي أنك من الحزب الوطني! هذا ما حدث قبل 25 يناير أما بعده فإن تحدثت في شيء بالحجة والمنطق والعقل يقولون أنت من الفلول! لا حول ولا قوة إلا بالله.
 أمن يدافع عن الحق والمنطق بالحجة والموعظة الحسنة تكال له الاتهامات، ألم يوصينا الله – عز وجل - أن أي فاسق يأتي بنبأ يجب أن نتبينه ، وألا نقذف المحصنات بالغيب ، وألا نتجسس وألا يغتب بعضنا بعضاً وأن نتجنب كثيراً من الظن، إن بعض الظن إثم، فكيف تفعلون ذلك بالله عليكم ونحن شعب متدين! ورجوعاً إلى هذا الشاعر وعندما تابعت ما يحدث في مصر لم أره لا في التحرير ولا في أي مكان ولم يحقق ما كان يتكلم عنه! إنما كان كل ما يقوله هو كلام في كلام، لهذا يجب أن نرتقي في الحديث والحوار فيما بيننا وأن ننتزع الشك والقلق والغيبة والنميمة وعدم الثقة وأن ننشغل بأنفسنا ونطهرها من الداخل وأن نطبق قاعدة المتهم برئ حتى تثبت إدانته وأن الخلاف في الرأي لا يفسد للود قضية وألا نلتفت إلى الوراء وما حدث في الماضي وأن نستعيد عافيتنا وننظر للمستقبل. اللهم بلغت اللهم فاشهد.
*******
 إضاءة : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: تتكالب عليكم الأمم كما تتكالب الأكلة على قصعتها، قلنا: أمن قلة يا رسول الله؟ قال: بل من كثرة ولكنكم غثاء كغثاء السيل.
 رواه البخاري ومسلم
محمد يسري موافي- مدير مكتب الاهرام في الكويت
 @ahramkw Ahram.kw@gmail.com