fiogf49gjkf0d
طيب!!!
 
صباح.. «النور»
مساء.. «الحرية»
 
فجر جديد للديموقراطية يبزغ على ارض الكنانة.. اشراقة شمس ساطعة تضيء سماء المحروسة.. لفحة أوكسجين نقي تتغلغل في صدور المصريين طاردة السخام والهباب الذي اعتدنا على استنشاقه صاغرين طوال قرابة 60 عاماً هي اطول من متوسط اعمار اغلب المصريين الاحياء الآن.. اي ان اغلب شعب مصر، الـ 85 مليوناً، لم يعيشوا اجواء الديموقراطية في حياتهم،.. ولم يعرفوا طعم ممارستها يوما واحدا.. وربما استقوا معلوماتهم عنها من الكتب والفضائيات ووكالات الانباء وما يحدث في دول.. بعيدة.. بعيدة.
واعتقد أن ذلك هو ما يفسر حالة الذعر والفزع التي اصابت البعض مع ظهور نتائج المرحلة الأولى للانتخابات وتأكد فوز حزبي «الحرية والعدالة» الجناح السياسي لجماعة الاخوان المسلمين، وحزب «النور» الممثل للتيار السلفي، الذي اصبح مفاجأة السباق الانتخابي وحصانه الاسود، بأغلبية واضحة من مقاعد هذه المرحلة.
وفي رأيي أن من انتابته حالة «الهلع» من سيطرة تيارات الإسلام السياسي على مقدرات مصر، وأقدار شعبها، قد جانبه الصواب، فالشعب المصري الذي عانى تسليم أموره إلى شخص فرد أو تيار فكري أو سياسي بعينه طوال 6 عقود كاملة، وعانى خلالها الويل والثبور، وكابد عظائم الامور، ووصل إلى ما هو فيه من فقر وإحباط وكبت وتراجع في شتى مناحي الحياة، وتشويه بشع للشخصية المصرية، هذا الشعب العظيم لن يفلت زمامه من يده مرة أخرى، ولن يمنح كائنا من كان تفويضا كاملا أو «توكيلا عاما غير قابل للإلغاء» - حسب التعبير القانوني - ليتولى شؤونه أو يتخذ القرارات نيابة عنه، فقد مر شعبنا العظيم بتجربة مريرة من الحكم الشمولي، واستشراء الفساد تجعله لا يثق إلا في قناعاته، ولا يتشبث إلا برأيه، ودون ذلك يدفع حياته ثمنا لحريته وكرامته.
لذلك يجب أن تحترم جميع التيارات قرار الشعب الذي يختار نوابه بإرادته الحرة لأول مرة، ولتعلم جميع التيارات السياسية - الرابحة منها وتلك التي خسرت - أن شعب مصر أصبح قادرا على محاسبة الجميع، ونزع السلطة والصولجان ممن يسيء استخدامهما سواء كانت حكومة أو برلمانا، فنحن مقبلون على مرحلة لن يحتكر فيها السلطة أحد.. مرحلة تتداول فيها السلطة بين الأحزاب والتيارات،ويُبقي الشعب خلالها على من يضمن له حقه في حياة كريمة، ويحافظ على مكتسبات ثورته العظيمة التي أطاحت بالطاغية وزبانيته، وستكتمل هذه الثورة بإذن الله بوضع دستور جديد يبهر العالم بأسره، كما أبهرت الثورة الدنيا كلها.
أقول للخاسرين في الانتخابات لا تخافوا ولا تحزنوا ولا تلقوا بالتراب على وجه الديموقراطية لأنها لم تأت بكم الى كرسي البرلمان.. وحاولوا مرة أخرى.. ربما..!
وأقول للفائزين انتبهوا.. ولا تفرحوا كثيراً، واعملوا ألف ألف حساب لرقابة شعب مصر عليكم، فقد حمّلكم الله مسؤولية جسيمة.. فادعوه أن يجعلكم أهلاً لها.. وليدعُ الجميع - خاسرين وفائزين - أن يحفظ الله مصر وشعبها من كل سوء.
 
حسام فتحي
hossam@alwatan.com.kw
twitter@hossamfathy66