fiogf49gjkf0d
عندما يركن المرء إلى نفسه تتقاذف إلى ذهنه العديد من الأسئلة التي تتمحور حول نظرة الطبقة الحاكمة من العسكر إلى الشعب، وهي النظرة الأكثر ازدراءً على الرغم من أنهم صنيعة الشعب، ومن نسيجه أيضا. ولعل التساؤل الأكثر إلحاحا هو لماذا يعتقدون أنهم يحبون المحروسة أكثر منا، ولماذا يعتقدون أنهم القادرون فقط على حمايتها والذود عن ترابها رغم أن تاريخهم لا يشير إلى هذا الأمر من قريب أو بعيد، هل نسوا ما عرضوا له المحروسة عام 56 من عدوان واحتلال كان سيستمر طويلاً لولا تدخل الاتحاد السوفيتي الذي أصدر إنذارا بضرب لندن وباريس بالصواريخ الذرية مما أجبر الولايات المتحدة على إصدار أمر فوري بانسحاب كل من إسرائيل وبريطانيا وفرنسا من الأراضي المصرية، وبناء على هذا الانسحاب هلل العسكر واعتبروا ما حدث نصرا لهم، وهل نسوا ما فعلوه بأبنائنا وبمقدراتنا في اليمن، وهل نسوا أو تناسوا نكسة 67، وهي النكسة التي جرت علينا الذل والعار والدمار، فلماذا إذن يعتقدون أنهم القادرون على حمايتها دون غيرهم، ألم نضحي نحن أبناء هذا الشعب بالغالي والنفيس من أجل عزة ورفعة المحروسة ؟ آلم نتحمل نحن ولازلنا نتائج تصرفاتهم ورؤاهم الخاطئة ؟ فلماذا يظنون أنهم يحبونها أكثر منا ؟ نحن وقود الحرب وجنودها وهم قادة النصر والانتصار، نحن جنود البناء والتنمية وهم حصاد النعيم والرخاء، نحن دافعوا الضرائب وهم قطاف الثمار، نحن الحب الحقيقي والتضحية والفداء وهم الزيف والرياء ، هؤلاء هم العسكر الذين يظنون أنهم يحبونها أكثر منا .
****
من الأسئلة المحيرة أيضا ما يدور حول الغيرة فهل يغار العسكر حقا ؟ وإذا كانوا كذلك فلماذا لا يعملون على نهضة المحروسة ورقيها ؟ لماذا يريدون للمحروسة أن تكون في ذيل الأمم ؟ لماذا لا يعملون على استحداث النظم والقوانين المعمول بها في المحروسة لتواكب النظم والقوانين العالمية التي اطلعوا عليها وتعاملوا معها من خلال ما قاموا به من دورات تدريبية في الخارج، أو رحلاتهم السياحية، أو العلاجية، أو غيرها من الرحلات التي لاشك أنها أظهرت لهم البون الشاسع بيننا وبين العالم الغربي، لا بل بيننا وبين بعض البلاد العربية التي لحقت بركب الحضارة في كثير من الأمور، فإذا كانوا يحبونها فعلا وإذا كانوا يتصورون أنهم درعها الواقي، وإذا كانوا يتمتعون بالغيرة الحقيقة عليها ؟ فلماذا لم ينتفضوا لتغير الواقع الأليم الذي تعيشه المحروسة؟ ولماذا سكتوا خلال ثلاثين عاما على الظلم والقهر ونهب مقدرات المحروسة وشعبها ؟ هل هناك قوى أكبر منهم ؟ وهل يتحركون ضمن منظومة خارجه عن إرادتهم تريد للمحروسة أن تظل في ذيل الأمم؟ أسئلة كثيرة لا تجد من يجيب عليها، خاصة ونحن نرى أحلام شباب المحروسة تتبدد، وطموحاتهم في تحقيق العدالة الاجتماعية، وتحقيق النهضة العلمية والصحية والاقتصادية تتلاشي أمام غرور وتسلط العسكر.
****
الموضوعية تحتم علينا الإشادة بموقف مشرف من مواقف العسكر وهو سرعة إنقاذ ركاب العبارة بيلا التي غرقت منذ أيام في خليج العقبة، فلو كانت بيلا تعرضت لما تعرضت إليه قبل ثورة 25 يناير 2011، لتمتعت الأسماك بجثث نحو1200 مصري ممن يعشقون مصر ويسعون وراء رزقهم بعد أن أغلقت المحروسة أمامهم سبل العيش الكريم، وممن يساهمون في دعم اقتصاد المحروسة عن طريق تحويلاتهم الخارجية، تلك التحويلات التي تحكم فيها مجموعة من الناس تعجز معاجم اللغة عن وصفهم، وليس تاريخ العبارة السلام ببعيد...( وَلَقَدْ تَرَكنَهَآ آيَةً فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ) ( القمر ـ الآية15) ؟؟!!