سمك.. لبن.. تمر مصري

بقلم/ أسامة جلال

ما يحدث في مصر الآن أمر محزن بالمعنى.. وبعد أن كنا استبشرنا بالثورة خيرا وبالمجلس العسكري خيرين.. نجد الثورة تسرق وتفشل والمجلس العسكري يتباطأ وربما يتواطأ.. فأمور كثيرة بديهية جعل منها العسكري معضلة.. وأمور معقدة استسهلها وتراخى في مواجهتها.

وما بين قفز من يسمون بالنخبة مجازا على الثورة.. وقفز من يسمون بالفلول والذيول على الساحة السياسية والانتخابات البرلمانية.. ضاعت حقوق المواطن والمواطنة في دهاليز سجن طرة وأروقة مركز الطبي العالمي.. وياقلبي لا تحزن.

وكمواطن مصري مغترب أجدني استشيط غضبا كل يوم ليس مرة ولكن عشرات المرات.. فمازال المصري في الخارج مغترب عن وطنة ضائعة كل حقوقه وكأننا يهود تم تهجيرهم من مصر.. وما أكثر مشاكلنا التي لا تبدأ عند جسر مستعدون أن نبنيه بأجسادنا ليربطنا بأرض الوطن بعيدا عن حرائق العبارات كما حدث قبل يومين.. ولا تنتهي عند الأحقية في مقاعد بنسبة عادلة في الجامعات لأبنائنا.. ولا تنحصر في حق الترشيح والانتخاب وتخصيص مقاعد لنا في البرلمان وتوفير لجان للتصويت في البلاد التي نعمل فيها.

وكمواطن مغترب مازال يجد أهل الداخل يعاملونه بحقد كيهودي اغتصب حق الهجرة والبعد عن الاهل والولد وكأنه استولى على الغاز والاراضي وارتشى حتى تعدى رصيده عشرات المليارات.. أجدني اتمزق في اليوم عشرات المرات حزنا على بلدي التي لن يستطيع أهل الداخل أن يحرموني من حبها مهما اغتصبوا هم حقوقي وباعدوا بيني وبينها.

ماذا يحدث في مصر؟ فلول يعودون إلى الساحة بكل قوة.. ينشئون محطات فضائية وصحف ويسيطرون على المشهد إعلاميا بمساعدة فلول سبقوهم قبل الثورة في خلق نوافذ إعلامية للترويج لمشاريعهم.. ونخب قفزت لأهداف خاصة واستطاعت أن تحتل المشهد أيضا بآراء معظمها أجوف ومكرر وفيه تدليس أو كذب أو نفاق.

ما الذي يحدث في مصر؟؟ قوانين من الطبيعي اقرارها تجد تسويفا وتعطيلا كقانون الغدر وقانون حق التصويت للعاملين في الخارج وقوانين الحماية من البلطجة.. والقوانين التي من الممكن أن تمنع أي رشاوي انتخابية أو شراء أصوات.

محاكمات عسكرية لمدنيين ومحاكمات مدنية لعسكريين ومطالب لا تتحقق إلا بالمليونيات ومطالب عادلة لا تتحقق لأن أصحابها مؤدبون ومهذبون ولا يريدون أن يشغلوا البلد بمطالب فئوية.. شباب معظمهم سطحي الرؤية قليل الخبرة.. ثقافته محدودة قفز وعلا الصوت وأدعى أنه عضو في إئتلاف إئتلاف إئتلاف شباب الثورة أو مصر الثورة أو ثورة مصر- أي كلام- وشيوخ هرموا لا يريدون أن يعترفوا بعوامل التعرية التي عبثت بوجوههم ويتشبثون بالمناصب والكراسي وكأنهم يستعدون لمواجهة ملائكة الحساب بالتعريف بأنفسهم بأنهم كانوا اصحاب مناصب في الدنيا.

ما الذي يحدث في مصر؟؟ إخوان مسلمين.. وإخوان مسيحيين.. وسلفيين.. ومستقبليين.. وناصريين وليبراليين.. ولكل توجه مضاد والتطرف في معظم الأحيان ديدن هؤلاء بمن فيهم الاخوان بنوعيهما مسلمين ومسيحيين وربما المسيحيين قبل المسلمين اشد تطرفا وعنادا وكأن الاضطهاد لم يطل كل المسلمين في عصر الرئيس المخلوع.. عفوا السابق المتنحي والذي اضاع مصر.. ويستحق لقبا أكثر شدة من مخلوع.

ما الذي يحدث في مصر؟؟ مرشحين محتملين للرئاسة أغلبهم انتهى عمره الافتراضي والبقية لم يرض عن معظمها الشعب الذي يؤكد كثيرون منه أن الرئيس المخلص القادم لم يظهر بعد وياحسرتي لو صدقت التوقعات بترشح سليمان وشفيق وعليه العوض ومنه العوض.

مليارات رصدت لشراء المصريين في الانتخابات القادمة.. وبدلا من أن يعيدها نزلاء طرة لخزينة الدولة أعادوها للبلطجية والحرامية والمفسدين ليفسدوا حياتنا السياسية والاجتماعية ويدمرونا من جديد طالما أن الديمقراطية هي الحكم فلنتجرع كأس الديمقراطية القذرة التي سيشربوننا إياها إن لم يقر قانون الغدر او إفساد الحياة السياسية.. المهم أي قانون لا يعيد سراق الاراضي والثروات الذين لم يستحوا ولأنهم لم يجدوا رجلا في مصر يحاكمهم يعودون بكل برود وسماجة ولزاجة.

ياسادة.. ما يحدث في مصر الآن.. سمك.. لبن.. تمر مصري.. يحتاج لوقفة حازمة حاسمة.. ونقول للمجلس العسكري.. إن لم تتخذ الخطوات المناسبة فثق تماما أن الشعب لن يسكت على هذا الحال طويلا.. لأننا جميعا ننشد الاستقرار والهدوء والحياة الكريمة.. وهذا لن يتحقق إلا باتخاذ القرارات في وقتها المناسب.. نعلم أن عليك ضغوطا كثيرة.. أعانك الله.. ولكنه قدرك.. ونأمل أن تكون على قدر المسؤولية لتدخل بمصر عهداً جديداً لتصبح مصر بالفعل جديدة وسعيدة وبالحب عامرة ودافئة.. فهل تستجيب؟؟؟

أسامة جلال

galalosama@hotmail.com