fiogf49gjkf0d

زراعية ..اشتراكية ..قومية ديمقراطية .. حرامية

 

أوهمنا العسكر بعد الانقلاب الذي قاموا به عام 52 بأنهم قاموا بثورة من أجل تحرير الشعب من العبودية ومن الإقطاع ومن سيطرة الحاكم الأجنبي وقامت الآلة الإعلامية الوليدة في تلك الفترة من الزمان بحمله شعواء على الملكية باعتبارها استعباد وذل ومهانة وغير ذلك من الكلمات المستهلكة وغير المفهومة لكثير من أبناء شعبنا الفقير، وبعد الاستيلاء على السلطة ظهر الوجه الحقيقي للعسكر إذ بدؤا حملة منظمة من حملات النهب والسلب، فنهبوا القصور والفلل بدلا من أن استغلالها كمتاحف تحاكي فترة مهمة من تاريخ مصر، وسعوا جاهدين لكتابة تاريخ جديد مليء بالمغالطات والأكاذيب والأخطاء، واضعين في مخيلتهم محو النهضة العلمية والثقافية والفنية الحقيقية التي كانت مصر تعيشها أيام الملكية. أوهمنا العسكر بعد ذلك أن الملكية لم تسع في يوم من الأيام لتحويل مصر إلى بلد صناعي، وإنما هدفت إلى الإبقاء عليها كبلد زراعي من أجل تحقيق الاستعباد والإقطاع ومن أجل مص دماء الشعب، لذا سعوا إلى تحويل البلد من زراعي إلى زراعي صناعي ووضعوا القوانين التي جارت على الأراضي الزراعية الصالحة للزراعة دون وعي أو رؤية واضحة للمستقبل فكانت الطامة الكبرى التي تجسدت في أزمة رغيف العيش وضياع مكانة مصر العالمية كأحد أهم مصدري القطن في العالم وقس على ذلك الكثير. أوهمنا العسكر بفكرة القومية العربية، وبأهمية تكوين كيان عربي يستطيع مجابهة التحديات الاستعمارية الخارجية، فأضاعوا مقدراتنا وثرواتنا، ورووا بدماء أبنائنا الذكية أراضا عربية يكن لنا أهلها الآن الكره والعداء، بل ويحاربوننا في أرزاقنا . أوهمنا العسكر بعد اتفاقية السلام عام 1978 أن الرخاء الذي يستحقه الشعب المصري العظيم قادم لا محالة وأعلنوها صراحة في وسائل إعلامهم المشبوهة، وظل الشعب المسكين في انتظار العام الذي يغاث فيه، وفي انتظار عام الرخاء الموعود بعد سنين القهر والعذاب، لكن العسكر اختلفوا فيما ببينهم وانصبت نتائج هذا الخلاف على رأس الشعب الذي كُتب عليه إلا يرى أو يشاهد أو يلمس أو حتى يحلم بعام يسمى الرخاء . أوهمنا العسكر أن المواطن الفقير في مقدمة أولوياتهم فظهرت العشوائيات وتردت الأوضاع الصحية للمواطنين وأصبح المصابون بالكبد الوبائي وبالسرطان أكثر من الأصحاء، بالإضافة إلى التردي وربما الشلل الذي أصاب كثير من قطاعات الدولة كالصناعة والتعليم والتجارة. أوهمنا العسكر بأشياء كثيرة ولكننا لم نعد نعرف في ظل حكمهم هل نحن دولة زراعية أذن أين القمح ورغيف العيش، أم نحن دولة صناعية أذن أين المصانع التي تضاهي ماليزا واندونسيا والصين، أم دولة استثمارية، أم دولة سياحية، أم دولة نفطية، أو إلى أي الدول ننتمي، فلقد أضاعوا هويتنا وأصبحنا في ظل حكمهم مجرد مسخ لا طعم لنا ولا لون، وأصبح المصري الذي تحدث عنه وكُتب به التاريخ يبحث عن ذاته، وأصبحت المحروسة التي كانت في يوم من الأيام دولة ذات شأن تبحث لها عن موضع قدم ..هذا هو حكم العسكر يا سادة وما خفي كان أعظم .

هشام زكي