fiogf49gjkf0d
محمد عبد العزيز يكتب

احذروا الفتن وابنوا الوطن

 الى أين يسير بك ابناؤك يا مصر ؟

أصابتنى الحيرة والدهشة وبالغ الحزن خلال متابعتى البرامج الاخبارية مساء أمس الأحد التاسع من أبريل جراء أحداث تظاهرات المسيحين التى أودت بهذه الارواح الطاهرة البريئة ما يدنو من 30 شهيداً واكثر من مئتى مصاب . وحاولت ايجاد اجابة شافية للسؤال الذى بدأت به مقالى الا أن الفشل كان لى بالمرصاد . وكانت التظاهرات قد بدأت سلمية على خلفية أحداث قرية "المريناب " فى محافظة أسوان بسبب هدم بعض المسلمين مضيفة كانت معدة لتشيد كنيسة وأشعلت مناطق أخرى من الصراع الطائفى .

هذه المسيرات لا يمكن أن تكون الا وفقا لتنظيم معين ، انطلقت عبر نداءات استهدفت حرق الوطن ، استغلت فيها عاطفة الشباب المسيحى لدينهم ، من دون أن يدركوا أن ذلك استجابة لمخططات تعرقل السير فى اتجاه تحقيق مكاسب الثورة . هذه الأحداث اشتم فيها رائحة صنيعة النظام السابق ، بهدف وئد الثورة والعودة بها الى الوراء ، فالعنف فى وسط العاصمة يصاحبه عدوان على الجيش فى عيد انتصاره ويسقط منه قتلى على أيدى مصريين ... أى عار هذا !!

الغريب هو تزامن ذلك التأجيج " المتعمد " مع تطورات ايجابية نلحظها على الصعيد السياسى واستجابة من المجلس العسكرى والحكومة المصرية لمطالب القوى السياسية والاحزاب مؤخراً " وان كانت تسير كالسلحفاة " ومع بدء الترتيبات لانطلاق عملية الانتخابات البرلمانية وكأننا نواجه من يحاول ان يجذب مصر الى الخلف ولا يريد لها ان تتطلع الى الامام   .

الى أين يسير بك ابناؤك يا مصر ؟

فبعد أن أستطاع شبابنا أن يزلزلوا الأرض من أسفل أقدام طواغيت النظام السابق الذين عاثوا فسادا فى مصر لعشرات السنين ، استطاع فى المقابل أذناب النظام السابق لملمة شتاتهم واستعادة قوتهم عن طريق فلولهم والمستفيد منهم ، ليحرقوا الاخضر واليابس ويطعنوا فى ذمم كل الشرفاء ، ويستخدمون فكرة فرق تسد محاولين ايجاد موضع قدم لهم من جديد على الساحة رافضين غيابهم عن المشهد السياسى ، أوسجن رموزهم وأولياء نعمتهم .

الفلول يفكرون يتحاورون وبين أبناء الامة يفرقون ، فتارة تجدهم يحدثون الوقيعة بين الشرطة والشعب ، وتارة أخرى يشعلون الفتنة بين الجيش والشعب ، وتارة ثالثة يذكون نيران الفتنة بين الحكومة الحالية وبين الشباب .

أذناب النظام السابق وآيادى خفية خارجية آثمة " لا تبعد عن الولايات المتحدة واسرائيل "   انهم يخططون لكسر مصر، متخذين فى السبيل الى ذلك الاعضاء الضعيفة فى الجسد المصرى المتمثلة فى العلاقة بين المسلمين والمسيحين لتعبث بها فتشعل نيران الفتنة الطائفية .

نجح ذيول النظام السابق فى ذلك منذ شهر مارس 2011 الى اكتوبر الجارى " سبعة اشهر " فى اشعال الفتنة مرات عديدة فى تلك الفترة ، مثل أحداث الكشح و نجع حمادى وغيرها ، لأسباب كان يمكن تداركها ، وكان من اليسير البحث لها عن حلول متوازنة ترضى جميع الاطراف ، ولم تكن أى أحداث منها تستحق هذا التصعيد من قبل الطرفين، وخاصة الجانب المسيحى الذى يشتعل سريعا لاحساسه بالاضطهاد الدينى طوال مئات من السنين ، ويستشعرون أن الفرصة قد تكون مواتية لهم اكثر من أى وقت مضى للحصول على مكتسبات غابت عنهم طويلا " بحسب تصريحاتهم ".

ولنقف عند الحادثة الاخيرة التى نجم عنها قرابة الثلاثين شهيدا وأكثر من مئتى مصاب من قوات الجيش " اخر سور واقى لمصر " التى كانت تؤدى مهمة وطنية فى حماية منشأت التلفزيون المصرى من اى تعد للمتظاهرين المسيحين .

المظاهرة كانت سلمية ، ثم ما لبث أن باشر المتظاهرين فجأة حرق عربات للجيش وحافلة نقل عام وقطعوا طريق الكورنيش ورشقوا قوات الجيش بالحجارة . وتؤكد المصادر أن مجموعة كبيرة من المتظاهرين جاءت فجأة من ميدان التحرير وانضمت الى المسيحين المتظاهرين حاملين اسلحة نارية فبدأ العنف يستشرى فى المنطقة المحيطة بمبنى التلفزيون وحصدت ارواح طاهرة لبعض من جنود القوات المسلحة البواسل وكأنهم يكافئونهم فى احتفالات اكتوبر!! .

الغريب أن مايكل أرمانيوس، منسق عام حركة "أقباط أحرار" صرح لمختلف وسائل الاعلام أن فض الاعتصام بالقوة من أمام ماسبيرو لا يعنى السكوت أو عدم العودة للاعتصام مرة ، وكأنه يهيج المشاعر المسيحية ويصعد منابر القضية .

كان الله فى عون المجلس العسكرى على هذه الحرب الضروس التى يواجهها من قبل فلول النظام البائد الذىن يتصرفون من دون أى وازع دينى أو وطنى .

 لكن نطالب المجلس العسكرى البدء الفورى فى السيطرة على الموقف بشكل حازم وسريع مهما كلفه ذلك من ضحايا ، فالحفاظ على أمن الوطن مقدم على كل الايدولوجيات . مع ضرورة الخروج ببيان يطالب الجميع بضبط النفس والتلويح بعقاب صارم من خلال تطبيق القانون ، على أن يسير جنبًا الى جنب مع ذلك تشكيل لجنة لبحث أسباب وصول الأمر الى هذا الاحتقان الكبير بين المسلمين والمسيحين ومن المسؤول ، والحرص على تصفية الأجواء بينهم فى جميع المحافظات وتحقيق اى مطالب مشروعة للمسيحين . لان تكرر أحداث العنف ضد الكنائس كان لابد من التعامل معه وفقا لادوات فاعلة وتعقب وعقاب المتسببين بكل شفافية اعلاءاً لدولة القانون . بالاضافة الى الاعلان عن محاكمة علنية سريعة لكل من يثبت أنه وراء أحداث تلك الوقيعة والاندثاث بين المتظاهرين لاشعال الفتنة الطائفية ، وملاحقة الذين اعتدوا بالنيران الحية على قوات الجيش ، ما أدى الى الاعتداء الفاجر على قوات من الجيش اثناء تأدية مهامهم فى حفظ المنشأت الوطنية .

حادثة القرية الأسوانية كان من الممكن أن يتداركه المحافظ بدلا من الخروج بتصريحات أدت الى استفزاز مشاعر المسيحين . فالمحافظ ليس مندوبًا عن الاسلام فى حل المشكلات ،انما هو مندوبا للدولة عليه التعامل مع الجميع وفقا لروح العدل والمساواة فهو بالأخير حاكم الاقليم ويجب أن يتحرى العدل والمساواة .

الفتنة لا تقابل الا بالعدل واعمال دولة القانون ، كى لا تتكرر هذه الصورة المؤسفة من الاعتداء على جنود القوات المسلحة الشرفاء الذين كانوا ولا زالوا الدرع القوى لثورة 25ينايربعد أن سجلوا ملحمة عظيمة فى اكتوبر 1973 انتهت بنصر عظيم للأمة العربية على العدو الصهيونى الغاشم .

نحن أمام وضع خطير يهدد مستقبل مصر لعرقلتها كى لا تخطو خطواتها الأولى نحو الدولة المدنية الديموقراطية ، وان لم يتم تدارك الأمر سريعا ستتفاقم الصورة بشكل لن يمكن تحمل تبعاته .

ورجاء حثيث من كل المصريين أن يحذروا الفتن ما ظهر منها وما بطن وأن يتفرغوا لبناء الوطن ، علينا التكاتف مسلمين ومسيحين لنبذ دعاة الفرقة ، المتمصلحين الذين يبيعون ضمائرهم لقاء حفنة دولارات .

الاسلام حثنا على احترام كل الشرائع الاخرى والتعايش مع معتنقيها فى محبة وسلام . وضرب لنا الخليفة عمر بن الخطاب مثالا يحتذى به فى حسن التعامل مع المسيحين حينما دعا الفاتح عمرو بن العاص الى ذلك مع مسيحيى مصر ، فما كان منه الا ان آمنهم على أموالهم وأنفسهم ، وخلصهم من ظلم الرورمان ابان الفتح الاسلامى لمصر قبل 1400 عام تقريبًا . ويذكر التاريخ بكل انصاف التصرف العادل للخليفة عمر بن الخطاب حينما اختصم اليه مصرى مسيحى شاكياً ضرب ابن والى مصر عمرو بن العاص قائلا " ضربنى ابن الأكرمين من دون وجه حق " فقال له عمر اضرب ابن الأكرمين . هكذا كان الاسلام يضرب أروع الامثلة فى التعامل مع أبناء الشرائع الاخرى .

المسيحية ياسادة تصان وتحفظ فى مصر طوال عقود من الزمان ، فلماذا يأتى المسيحيون الآن وينجرون لهذه الاثارات المبالغ فيها ويمنحون آذانهم لفلول النظام السابق الذىن يريدون أن يصلوا بمصر الى حيث الفتنة الطائفية وعصابات الشوارع والانفلات الأمنى والكراهية بين الجيش والشرطة والشعب ، انهم يريدون حرق مصر بدم بارد وترى السعادة تكتسى وجووهم بكل شماتة حال استمرار تلك الحالات الغوغائية غير الآمنة .. قاتلهم الله .

استفيقوا ايها المصريون استفيقوا ولا تتركوا الفرصة لهؤلاء الشرذمة أن ينالوا من وحدتنا ومن ثورتنا الشبابية الرائعة التى تحدث عنها العالم بكل فخر .

استفيقوا ولاتركنوا الى الاثارة ليصبح وطننا كما كان دوما منارة .

**********************************************************************************************************************

وطن شرفه الله بذكره فى كتابه الكريم غير مرة . وطن أوصى بأهله خيرًا خاتم الانبياء محمد " صلى الله عليه وسلم " .

وطن دعا له أنبياء وعلماء أجلاء .

وطن أنجب للكون على مدار التاريخ من أٍسهم فى رفعة شأن البشرية جمعاء .

ألا يستحق هذا الوطن أن نعمل من أجله ونحافظ عليه .

اخوانى المصريين : انبذوا الفتن وابنوا الوطن ، فالوطنى المخلص من احتفظ بعقله حالما يفقده الأخرون .