fiogf49gjkf0d
لا يعقلون ... ولا يريدون
 
في ظل حالة التخبط الشديدة التي تشهدها مصر حاليا، وفي ظل انعدام الرؤية يحتار المرء في قراءة المشهد السياسي والاجتماعي والاقتصادي أيضا، ويفشل في التنبؤ بالأحداث، بل ويصبح عاجزا عن تقييم الماضي جيدا باعتبار أن التعلم من أخطاء الماضي يعد المحطة الأولى للعبور إلى المستقبل. في الماضي كنا نعيش العديد من الأزمات كان السبب الرئيسي فيها النظام الذي لم يراع حرمه دين أو إنسانية أو وطن، ويكلف نفسه شرف التعرف على إمكانات هذا الشعب العظيم الذي يملك من القوة والصبر والمثابرة ما تعجز عنه أمم وشعوب الأرض بأكملها، ويكفي أن هذا الشعب ظل ومنذ قيام ثورة يوليو 1952 تحت حكم العسكر الذين لم يقدموا له مشروعا نهضويا حقيقيا، ولم يضعوا له رؤية واضحة للمستقبل، بل زجوا بأنفسهم وبأبناء شعبنا العظيم في صراعات خارجية أضاعت مقدراتنا وجعلت دمائنا الذكية ارخص من مياه الشرب ، تلك الدماء التي كانت حائلا على مر العصور دون تدمير الوطن العربي، تلك الدماء التي حملت ورفعت لواء العروبة والإسلام عاليين، ولكن لأن العسكر لا يقرءون التاريخ على اعتبار إنهم من يصنعه، ولتملك العزة بالآثم منهم ، لهذا لا يعرفون شيئا عن الشعب المصري، ولا يعرفون إمكاناته ولا قدراته، ويحضرني في هذا المقام نكته من النكات التي لا زالت استشهد بها لما تضمن من معان حول قدرة هذا الشعب الذي ابتلاه الله بأناس لا يفهمونه ولا يعرفونه وكأنهم مماليك العصر القديم تفيد تلك النكتة أن الرئيس السابق صدام حسين وجد مصباح علاء الدين وظهر له الجان ( عفريت المصباح )، فطلب منه صدام أن يعمر الصحراء فعمرها في ثوان معدودة، ثم كان الطلب الثاني بناء القصور والفلل في بغداد وغيرها من المدن العراقية فنفذ الطلب من فوره، ثم كان الطلب لصدام من الجان وهو ترحيل المصريين من العراق، فأجابه الجان ببعض الكلمات الساخرة قائلا ( ليه يابيه ده أحنا غلابة)، وبعيدا عن إثارة النكتة للضحك أو البكاء، ففي إجابة الجان يتجسد الحس الجمعي ليس المصري فقط ، وإنما الحس الجمعي العربي الذي يدرك تمام الإدراك قدرة الشعب المصري على البناء والنماء وقدرته بما وهبه الله من عزيمة على التصدي لمشكلاته ومشكلات الوطن العربي والنجاح في حلها جميعا، ولكن منْ يعقل ولمن يريد بالفعل أن يفهم، ولمن يقرأ التاريخ ليتعلم ويفهم أنه يحكم شعبا قال فيه رسول الله صل الله على وسلم ( أنهم خير جند الأرض ) ، فيا أيها العسكر ارحمونا من حكمكم الذي استمر لتسعة وخمسين عاما، وارحمونا من نهب واستلاب المقدرات، نريد أن نعتلي الدرجات نحو المجد، لا نريد أن نظل في ذيل الأمم، نريد أن ننهض تعليما وصحيا واجتماعيا واقتصاديا، لا أن نبقي تحت رحمه ليفي، وكوهين، وبوش، وأوباما ، نريد أن نتخذ قراراتنا بأنفسنا لا أن تملى علينا من أسياد لا يريدون لنا العزة والكرامة ..
فهل من مجيب ؟!