fiogf49gjkf0d
بقلم د.إيهاب عبدالغني
العشوائيات (2)... وارادة التغيير؟
الله يسامحك يا اللي في بالي... رجل أعمال صرف علي فنانة عشرات الملايين من الجنيهات واتهم بقتلها في الاخر.... كان يمر كل يوم بموكبه من سيارات وحراس من أمام مناطق عشوائية ويري معاناة أهلها ورغم امتلاكه شركة من أكبر شركات المقاولات في مصر وحصوله علي أراضي من الدولة بأبخس الأسعار ولكنه راح يبني فيها فيلات ومولات وشقق للصفوة بالملايين وكان يستطيع أن تخصص له الدولة مثلا منطقة كاملة مجانية "بحكم قوة نفوذه في الحزب والأمانة إياها وبحكم قربه من صانعي القرار وبحكم ضخامة ثروته" كل ذلك لم يجعل عقله يفكر وقلبه يرق لاقامة مدينة محترمة ينقل اليها "كاضعف الايمان" أحد العشوائيات بسكانها ومحلاتها ويقيم فيها ما ينفع الناس وينقلهم من الحضيض إلي المعيشة الكريمة وبعد أن ينتهي من نقلهم يدخل بجيوشه الجرارة من لوادر وماكينات ليهدم هذه العشوائيات ويهدم معها تاريخ أسود لعهد قميء وليبني مكانها ما يريد ..مصنعا أو مولا تجاريا أو مجمعا سكنيا للصفوة أو جراجات كبيرة أو حدائق ومتنزهات وملاهي للأطفال ويفتح لأبناء العشوائيات "سابقا" فرص للعمل والتطور في ما بني مكان العشوائية... كانت الفرصة أمامه ولكنه لم يفعل وضاعت عليه فرصة أن يكون إنسانا صالحا يحبه الناس ويتعاطفون معه.
بعد سقوط النظام السابق في فبراير الماضي وخروج المصريين الاحرار المتعلمين الغيورين علي بلدهم يضعون أفكارهم وإمكانياتهم ليبرهنوا علي أن إعادة بناء مصر ليست بالمشكلة المستعصية والواقع أن هناك من كان يحاول وهم وتضليل المصريين بأنهم لن ينهضوا لأن مشاكلهم أعقد كثيرا والحلول مستحيلة والامكانيات منعدمه. الامر الذي عزز من عقيدة "مفيش فايدة" وانهيار روح التحدي وارادة التغيير فكان هناك منهجا كاملا في كيفية وضع المصريين في قالب يأس كامل وإحباط مستمر وبدا المصريين مع مرور الوقت ينسون أنهم عملوا المستحيل في يوم السادس من أكتوبرعام 1973 ونسوا أنهم في ظل أسوأ ظروف وامكانيات حققوا النصر علي وهم سابق إسمه "الجيش الذي لا يقهر" وتاريخ مصر مليء بالبطولات ... الارادة هي التي جعلت قطاع مثل قطاع الاتصالات في مصر يتحول الي اقتصاد عملاق في سنوات قليلة واصبح 60 مليون مصري يحملون تليفونات محمولة ونسينا أن قطاع الطيران هو الاخر حقق طفرة غير مسبوقة وتحولت الشركة الوطنية "مصر للطيران" من شركة خاسرة مهزوزة الثقة علي مستوي العالم لا يستخدمها الا المضطرون فقط ..تحولت في سنوات قليلة أيضا الي واحدة من أفضل الشركات علي مستوي العالم بل وسعي تحالف ستارز الي استقطابها لتكمل منظومتها في الشمال الافريقي وأصبحت مركزا للتدريب والصيانة واكتملت المنظومة بمجموعة من أفضل وأفخم المطارات علي مستوي العالم.... هذه هي إرادة المصريين وإرادة الشعوب عندما تسعي جديا تحقق أي شيء بالعلم والتخطيط والاصرار والقدرة علي تخطي الصعاب ولنا في التجربة التركية خير برهان.
لا نختلف علي أن المشكلة الحقيقية لمصر الأن هي العنف والبلطجة والعشوائية والتي كتبنا في المقالة الاولي أن العشوائيات هي التي أدت لهذه الظواهر العجيبة ان تبزغ وتتعاظم وهي التهديد الحقيقي لمستقبل مصر علي كل المستويات ولذلك يجب الحد من انتشار العشوائيات ومعالجة الموجود منها جذريا بنقل من فيه الي حياة كريمة وهدم العشوائيات تماما واحلال ذلك بمشروعات سكنية وترفيهية وخدمية وانتاجية كل ذلك سيخلق فرص عمل لسكان العشوائيات وكل ذلك سوف يغير من طبيعة العنف عند سكان العشوائيات وسوف ينعكس علي طباع أهل مصر كلها وسوف يضيء الطريق لعبور ظلمة اليأس الي الامل والتفاؤل.