fiogf49gjkf0d
قبل 25 يناير كان قاطع الطريق الأساسي والرئيسي.. وربما الوحيد.. هو «المخلوع» الذي كان «يقطع» الطريق قبل مرور موكبه المهيب بـ3 ساعات على الاقل، وكان منظر العساكر والمخبرين المصطفين بالآلاف على جانبي الطريق وفوق اسطح المنازل، وامام أبواب البيوت يثير في نفسي مشاعر متضاربة بين الغضب منه وممن حوله من حملة المباخر، ومحترفي «وسع للريس»، والشفقة على جنود الشرطة المساكين «المنقوعين» في الشمس اللاهبة ساعات طويلة، حتى يمر موكب الفرعون، لا أرجعه الله، لا هو ولا أي قاطع طريق جديد.
ولسوء حظي اسكن في القاهرة على بعد بضع عشرات من الأمتار من قصر العروبة العامر – بالخفافيش الآن – وعندما فكرت في اللجوء لاستراحة صغيرة اخترت «برج العرب».. التي هي ايضا على بعد دقائق من قصر المخلوع، لذلك كُتب عليَّ ان اتعذب بموكب مبارك قاطع الطريق صيفاً وشتاءً!
الحمد لله «غار» المخلوع وموكبه غير مأسوف عليهما، ولكن يبدو اننا «أدمنا» قطع الطرق، والجلوس في الاوتوبيسات والميكروباصات والسيارات بالساعات، ولكن هذه المرة لا علاقة للمواكب التي «غارت» بركابها بالموضوع، بل انتقلت «ثقافة» قطع الطريق، من الباشوات «المشرَفين» في بورتو طره، الى «الشعب» بكل طوائفه.. لا يستثنى منه الا اقل القليل، وهؤلاء ربما ينتظرون حتى يجدوا طريقا غير مقطوع.. ليقطعوه!
..بصراحة كان مشهدا مأساويا اقرب للكوميديا السوداء، منظر «معالي» وزير السياحة الذي خرج لتوه من مؤتمر صحافي اتهم فيه وسائل الاعلام بانها «تختلق» اخبار قطع الطرق في مصر، لِيعَلْق هو نفسه داخل سيارته بشارع «قصر العيني» اثناء توجهه لمجلس الوزراء، وذلك بسبب قطع «المعلمين» للشارع الشهير، اثناء مظاهراتهم واعتصامهم مطالبين بـ«حقوقهم»، مما اضطر الوزير للترجل من سيارته والسير على قدميه لدخول مبنى المجلس الموقر.. ومصافحة «المعلمين» اثناء سيره!!
بدأت «ثقافة» قطع الطريق احتجاجا على تجاوزات او حوادث او خناقات بين عائلتين خارج القاهرة، ثم تطور الامر وتحول الى تعبير صارخ من الاحتجاج – بحق احيانا.. وبدونه احيانا اخرى – فتم قطع طرق بسبب عدم توفر الخبز في المخابز خلال اوقات معينة، وبسبب دهس سيارة لجاموسة فلاحة، وتأخر عودة ابناء احدى القرى من ليبيا، وقطعه سائقو الميكروباص مطالبين بزيادة الاجرة، وقطع «خنوفه» طريق صلاح سالم ليخرج زملاؤه من الحبس، ونفس الطريق قطعه «ألتراس» الأهلي بعد واقعة الاستاد الشهيرة، وغضب الشرطة عليهم لترديدهم اغنية «الباشا أبو %50»!!
وهذا غير «قطع الطريق» لاسباب سياسية ومطالب فئوية، مستحقة، في شتى انحاء مصر، فقطع وجهاء قبائل في سيناء الطريق الدولي للعريش احتجاجا على عدم انشاء دائرة انتخابية، وقطعه «طلاب» مدارس بالمعادي منادين بانشاء جسر مشاة، وقطع اهالي «قرنة مرعي» طريق وادي الملوك بالاقصر، واحتجزوا السياح الطلاينة 3 ساعات!!
بالله عليكم – هل «قطع الطرق» اصبح السبيل الوحيد للتعبير عن الرأي، أو المطالبة بحق؟ - اتقوا الله في مصر المحروسة يرحمنا ويرحمكم الله عز وجل.

حسام فتحي
hossam@alwatan.com.kw
twitter@hossamfathy66


قاطع طريق.. مذنب بريء ولاّ الكلام معكوس يا ناس؟
بلد غريق وسط الحريق من غير أساس
ولاّ البلاد بايعه الولاد دوري وكاس
طب ليه نلوص والحل دول حبة لصوص وليها راس
فلول تصول.. فين العقول.. فين الاحتراس؟
الغدر له ميت ألف لون وكل فل وله مقاس
وفين قانون الغدر فين؟ الارض فايره وعايزه فاس

مختار عيسى (يوميات يناير)