fiogf49gjkf0d
طيب!!!
 
عم الشيخ رجب.. الطيب
 
في مطار «أتاتورك» باسطنبول وفي 23 يونيو 1987 رأيت من أصبحت زوجتي بعد ذلك لأول مرة، ومنذ ذلك الحين زرت تركيا، رسمياً وسياحياً، أكثر من عشرين مرة، أي انني وقعت في غرام.. تركيا الطبيعة الساحرة.. والتاريخ العتيق.. والشعب المسلم البسيط.. ومآذن المساجد التي لا يخلو منها شارع من أنطاكية الى طرابزون.. وما إن تبتعد عن الجزء الأوروبي من اسطنبول حتى تجد الحجاب التركي «الحديث» منتشراً بين الفتيات الصغيرات، و«الإيشاربات» الملونة تغطي رؤوس النساء.. فيما تنير اللحى البيضاء وجوه معظم الرجال، وكل الكهول تقريباً.
تلك هي تركيا التي عشقتها.. ولم يكن ينغص زياراتي سوى هذا التقارب الشديد بين تركيا «العلمانية» سياسياً، الإسلامية الشعب والروح والسلوك مع الكيان الصهيوني، وذلك الانتشار «المفزع» للسائحين الإسرائيليين في فنادق المدن السياحية، وعبارات الترحيب بـ«العبرية» على نوافذ المحلات في «بورصة» و«أنطاليا».
وحتى لا ننسى، كانت تركيا العلمانية أول دولة ذات أغلبية مسلمة تعترف بما يسمى «دولة إسرائيل» في مارس 1949 – وتلتها إيران عام 1950، ومنذ ذلك الحين والعلاقات التركية – الإسرائيلية في نمو مطرد على جميع الأصعدة، وهو ما يشكل غصة في حلق كل مسلم وشوكة في خاصرة الدول العربية المواجهة لإسرائيل.
وقبل أسابيع قليلة من القرار التاريخي لرئيس الوزراء التركي أردوغان – الذي يطلق عليه الأتراك «شيخ رجب الطيب» - بطرد السفير الإسرائيلي، ومنحه مهلة حتى بعد غد للمغادرة، كانت العلاقات الاقتصادية بين البلدين في ذروتها، وبلغ التبادل التجاري 3.5 مليارات دولار، خلال العام الماضي، وكاد يسجل ارتفاعاً تاريخياً هذا العام، طبقاً لأرقام يناير وفبراير 2011، لولا التدهور السريع في العلاقات، الذي انتهى الى طرد السفير والحمد لله.
ولاشك أن التاريخ سيذكر رجب طيب أردوغان كواحد من أعظم رؤساء وزراء تركيا، ليس فقط بسبب موقفه المحترم، وقراره الشجاع بطرد السفير الإسرائيلي، و«جرجرة» إسرائيل الى المحاكم الدولية بعد رفضه لتقرير لجنة الأمم المتحدة الذي أعطى الدولة العبرية الحق في حصار غزة بحرياً، وإنما الإنجاز الأهم للأتراك أنفسهم هو فوز «عم الشيخ رجب» على سطوة العسكر، ونفوذ الجيش الذي «كان» يلعب دوراً رئيسياً في الحياة السياسية التركية بصفته حامي حمى الدولة العلمانية التي أسسها مصطفى كمال أتاتورك، حتى تمكن «الشيخ رجب» من إعادة تركيا «دولة مدنية» حقيقية.. في أوائل ابريل الماضي، وتقديم القائد العام للقوات المسلحة وقادة الأسلحة البرية والجوية والبحرية لاستقالاتهم، ولولا ذلك ربما لم يتمكن «الطيب» من اتخاذ قرار طرد السفير الإسرائيلي بسبب العلاقات العسكرية القوية بين البلدين.. وما إطاحة العسكر بسلفه «آربكان» عام 1997 ببعيدة.
الحرج الذي وقعت فيه حكومتنا الرشيدة أن الموقفين المصري والتركي يستحيل ألا نقارن بينهما، فهنا وهناك شهداء برصاص إسرائيلي، بل إن شهداءنا استشهدوا داخل الأرض المصرية، وروت دماؤهم تراب مصر، بينما شهداء تركيا استشهدوا في سفينة بعرض البحر أمام سواحل غزة! وفي الحالتين جاء عدم الاعتذار الرسمي – وأصر أنه لا يوجد «اعتذار» رسمي حتى الآن بل مجرد إعراب عن «الأسف» - نموذجاً للصلف والتكبر والغرور الإسرائيلي، لكنه في الحالة التركية اصطدم بالحق وعزة النفس التركية.. وتصدينا له نحن بالمظاهرات وإنزال العلم وحرقه.
سامحك الله يا شيخ رجب.. فقد أحرجت وجوهاً لا تعرف حمرة الخجل.
 
حسام فتحي
hossam@alwatan.com.kw
twitter@hossamfathy66
 
 
أمان أمان أمان يا لا للّي
قوم شوف يا زمان وتعالى وقوللي
التركي بان بصهيل فرسان من غير ما يولّي
ونا لسه مهان.. بالذل مدان إيه اللي حصل لي؟
مختار عيسى (يوميات يناير)