طيب!!!
وداعاً أستاذ لويس : حسام فتحي
رحل أول رئيس تحرير عملت تحت رئاسته، وأول من علمني كيف يكون التعامل «شديد الرقي» مع كل البشر بدءاً من حارس بوابة المجلة «عم أبوطالب» وحتى كبار الكتّاب والوزراء مرورا بعمال البوفيه.
على عكس أغلب رؤساء التحرير آنذاك فإن باب مكتبه يكون مغلقا في غيابه، ويُفتح أثناء وجوده!!
لم تكن لديه سكرتيرة.. أو سكرتارية.. وكان هناك «اتفاق» غير مكتوب بينه وبين الجميع، أن نحترم سياسة «الباب المفتوح»، فلا نجلس معه أكثر مما يلزم، ولا نقتحم جلسة اختص بها زميل أو ضيف...
.. في بداية الثمانينيات، كنت طالبا في قسم الصحافة - كلية الإعلام - جامعة القاهرة، وفي الوقت نفسه أتدرب في مجلة «صباح الخير» أو «الصبوحة» كما كنا نسميها، وكان رئيس التحرير هو الأستاذ الرائع «الراحل» لويس
جريس، أجريت وقتها حوارا ساخنا مع المفكر د.فرج فودة، الذي اغتالته يد التطرف بعد ذلك، وتحدثنا عن أفكاره لإعلان حزب يدعى «حزب المستقبل»، وقدمت الحوار مباشرة للأستاذ/ لويس، الذي أخذه، وابتسم ابتسامته
الهادئة، فدفعني حماس الشباب إلى «التجاوز» وقلت له: أفهم من ابتسامة حضرتك أن الحوار «غير قابل للنشر»،.. فازدادت ابتسامته اتساعا وهو يقول بصوته الهادئ شديد التهذيب: «يا أستاذ.. على الأقل أعط رئيس تحريرك
الفرصة للقراءة واتخاذ القرار».. رجعت إلى المكتب الذي كنت «أحتله» ليلا، مكتب الأستاذ الراحل/ صبري موسى، أقلِّب في خطابات باب «نادي القلوب الوحيدة» وأنا أفكر كيف سأبرر للدكتور فرج فودة، عدم نشر الحوار،... مر
يومان على لقائي بالأستاذ لويس، وفي مساء الاثنين تسللت إلى المطبعة للحصول على نسخة مبكرة من مجلة «صباح الخير».. لأفاجأ بنشر الموضوع على عدة صفحات، مع إشارة كبيرة على غلاف «صباح الخير»،.. والأهم
أن الأستاذ الراحل لويس جريس، كتب بقلمه مقدمة للموضوع قال فيها ما معناه: «كاتب الموضوع طالب في كلية الإعلام، يتدرب في «صباح الخير» جاء إلى مكتبي وسلمني الحوار وقال: طبعا لن تنشروا حوارا مع د.فرج فودة
؟! ويا عزيزي حسام ها هو الحوار منشور فنحن في «صباح الخير» مجلة القلوب الشابة والعقول المتفتحة».
رحم الله الراحل الكبير الخلوق.. المهذب.. المتواضع.. المهني.. الأستاذ لويس جريس، وحفظ مصر وأهلها من كل سوء.