طيب!!!

 

«التجربة» الوطنية : حسام فتحي

 

أظن ان جيلنا كان محظوظا لدراسته مواد التربية الوطنية والقومية والعسكرية، ويكفي أن طابور الصباح بالمدارس الابتدائية والاعدادية أيامنا كان بحد ذاته وجبة دسمة للوطنية تبدأ بتحية العلم تحية تليق به وتنتهي على وقع

النشيد الوطني الحماسي بلادي بلادي بلادي لك حبي وفؤادي.

.. ما أحوجنا اليوم لبث روح الوطنية وحب مصر وغرس قيم الولاء والانتماء لمصرنا في صدور فلذات أكبادنا منذ نعومة أظافرهم.

وبالأمس القريب أصدر الدكتور رضا حجازي رئيس قطاع التعليم العام في وزارة التربية تعميما بإذاعة نشيد قوات الصاعقة المصرية «قالوا إيه» وذلك بدون موسيقى في جميع المدارس يوميا من خلال طابور الصباح وكذلك أثناء

«الفسحة» الا انه اثار انتقاد «البعض».

تابعت وسائل التواصل الاجتماعي وتناقلها للخبر وتداول مقاطع لعدد من المدارس أثناء قيام طلابها بأداء النشيد بحماسة أرجعتني بالذاكرة إلى سنوات الدراسة الأولى مع مواد التربية الوطنية والقومية والعسكرية والحاجة

الماسة لإعادة تدريسها مرة أخرى.

وعودة إلى تاريخ تدريس مادة التربية الوطنية ووزير التعليم علي باشا ماهر أول من قرر تدريسها عام 1925 عقب ثورة 1919 واستقلال مصر عن الدولة العثمانية في 1922، والذي استشعر انذاك ضرورة تعزيز فكرة الوطن لدى

التلاميذ.

وقال ماهر وقتها لابد للمصريين أن يتلقوا قدرا مشتركا من ثقافة المواطنة، وسميت (التربية الوطنية)، وغفر الله لرفاعة الطهطاوي الذي أشار في أحد كتبه إلى أهمية وجود مثل هذه المادة، ليأتي علي باشا مبارك ـ رحمه الله

ـ في 1867 ليتضمن قانون التعليم تدريس مادة «التربية الوطنية» بالمدارس لكل المصريين دون تفرقة.

ومع ثورة يوليو تغير الاسم إلى (التربية القومية) على اعتبار أن مصر جزء من الوطن العربي، لكنها تحولت الى مادة دعائية سياسية الى حد ما تسجل انجازات وبطولات زعماء وقادة، ومع مرور الوقت تحولت الى مادة مهملة

ولا تضاف الى المجموع، اضافة الى طرق تدريسها التي لا ترقى للمستوى المطلوب.

ومع ما تشهده مصر في عصرنا الحالي من أحداث وتغريب للفكر لدى الأبناء ومحاولات البعض طمس الهوية وانتشار التعليم الأجنبي، أصبح لابد بل ومن الضروري أن تعود مواد التربية القومية والوطنية والعسكرية للتدريس

بطريقة تفاعلية، ولكن هذه المرة بدءاً من الصف الأول الابتدائي مع تضمينها أنشطة يمارسها الطالب، لينتقل من المعرفة إلى السلوك، فيتعلم من خلالها ما يتصل بالوطن ونظامه، وحقوق المواطن وواجباته، وتغرس في

نفوسهم حب المواطنة وروح الانتماء والولاء، لنخرج جيلا يفهم معنى الوطن ويعي قيمة المواطنة ويعرف قدر كل ذرة من تراب ورمال المحروسة، ويوقن أن لبلده مصر مكانة لا تدانيها مكانة.

وحفظ الله مصر وأهلها من كل سوء.