كان معظم التلاميذ يقبلون بلهفة على شراء بليلة عم سعيد الساخنة. اعتاد أن يجلس منذ الصباح حتى الظهيرة قرب باب المدرسة مستندا إلى جذع نخلة خلف قفص جريدي تعلوه قفة بها بضاعته. يحتفظ الى جواره بكراسات قديمة يستخدم اوراقها في البيع لزبائنه. يمرون عليه أثناء دخولهم وخروجهم. يعرف كثيرا منهم بأسمائهم. كلما اشترى أحدهم مد اليه يده بورقته المبسوطة طالبا "شوية فوق البيعة". يستقبل إلحاحهم بابتسامة واسعة، فيدس يده في بضاعته موهما اياهم انه يستجيب لهم. كان يخرج يده فارغة مقبوضة ثم يختلس من فوق الورقة بعض ما باعه ويعيده الى القفة من جديد. كانت سعادتهم بكرم عم سعيد وشهامته لا توصف. يحبونه بصدق، وفي الوقت نفسه يشفقون عليه كثيرا...