... «وبالرغم من كل ما حدث وسيحدث فكان لابد أن يرحلوا»..
بهذه العبارة أجبت صديقي وهو «يحاججني» دفاعا عن أوضاع العالم العربي قبل «الربيع» المزعوم، حين انفعل بقوله: انظر إلى
حال اليمن «السعيد» بعد عبدالله صالح، هل مازال سعيدا؟.. وطالع أحوال العراق بعد إعدام صدام، هل انصلح حالهم؟.. وتدبر ما
يجري في سورية بعد تقليم أظافر وخلع أنياب الأسد.. أترى ما آلت إليه أوضاع أهلنا في الشام العزيز؟.. وراقب المأساة النازفة
لدى الجارة ليبيا التي تتحول إلى معمل تفريخ وملاذ آمن للدواعش وبيننا وبين الليبيين مصاهرة وعيش وملح ومصالح و1200
كيلومتر من الحدود المشتركة؟.. وهل تعتقد أن «البوعزيزي» تستريح روحه الآن وهو يرى تونس الخضراء تعاني كما لم تعانِ من
قبل؟
وهل نحن الآن في مصر بأحسن حالا مما كنا في مصر مبارك؟.. ألا ترى ما يفعله الدولار الأخضر بالجنيه الذي اصفر لونه وتحول
عملة معدنية لا قيمة لها ولا قوة وبعد أن كان دولار مبارك بـ 5 جنيهات أصبح اليوم بعشرين جنيها؟
وهل.. (قاطعت) صديقي قبل أن يسترسل «هلهلاته» ويواصل تساؤلاته موجها سؤالا هادئا:
وهل تعتقد في قرارة ضميرك، ومستقر عقلك، وسويداء قلبك أن مَنْ ذكرت من حكام يستحقون أن يحكموا شعوبهم يوما واحدا؟..
صالح والقذافي وبن علي وصدام والأسد ومبارك حكموا شعوبا ضربت جذورها في التاريخ فهل حققوا لهم أو بهم شيئا مما
حققته شعوب مجاورة حباها الله بقادة حكماء يخشون الله، اتقوا الله في رعيتهم؟.. أو دول بعيدة حكمها قادة اهتموا بتنمية البلاد
بدلا من تنفيع الأقارب والأصهار والأنساب ورفعهم فوق رقاب العباد؟ أو ملوك ورؤساء فضلوا الاستثمار في الإنسان بدلا من
الاستمتاع بإذلاله وكسر إرادته؟
أو أمراء ارتأوا ضخ ثروات بلادهم في تعليم أهلها وإيفاد المبتعثين للدول الأكثر تقدما حتى يعودوا ليتسلموا مقاعد القيادة ودفات
التوجيه فينطلقوا بسفينة الوطن الى مستقبل أكثر إشراقا؟
.. يا صديقي ما حدث قد حدث والمهم الآن أن أمام شعوب «الربيع العربي» فرصة لإعادة بناء أوطانها على أسس سليمة من
القيم والمثل ومعايير الحق والخير والجمال، وألا تدع «ديكتاتورا» جديدا يعيدها إلى ما كانت عليه.. فذلك حق شهدائها عليها.
وحفظ الله مصر وأهلها من كل سوء.