ذات يوم شاهدتني أمى شاردا بذهنى فسألتنى فيما تُفكر؟ فقلت .. أفكر فى أيامى القادمة وفى أحلام كثيرة أحلم بها.
 
فقالت .. تعلم منى شئ ..أنك فى رحلتك لتحقيق ما تحلم به لا تحزن ابداً عن احلام صغيرة قد لا تتحقق طالما هناك داخلك حلم كبير مازال فى الإمكان ،
 
حينها شعرت أن أمى أستطاعت أن تزرع داخلى الأمل وأن تخلق داخلى مفهوم كنت لا اعلمه وهو أن النجاح ربما لا ياتى من الفرصة الاولى او من المحاولة الاولى ..ودائما اتذكر كلام أمى كلما قرأت عن تجربة الصين وأن هناك ما يسمى بالفشل النبيل ليصل بك الى النجاح المنشود ، وظل كلام أمى خيط الأمل الذي يُنير لي المستقبل، أتذكره مع كل خطوة أخطوها وأبتسم مع كل حلم أحققه فلقد علمتنى أن الاخلاص أساس النجاح والقرب من الله يساوى كل شيئ ، علمتنى أن ابقى دائماً على قيد الامل كى اهزم به الالم ، وان ابقى على قيد الرجاء كى أقهر به اليأس وسيظل يطاردني طيف أمي دائماً، فهى هبة القدر ، هى أروع ما خلق المنان، هى منبع السكينة والحنان.
 
أمي كم أشعر بالأسى على كل لحظة لم أشُعرك فيها بالسعادة... لانك كنت لى دائما صانعة السعادة ، كنت لى دائما صانعة الجمال من حولى ، أمي ما أروعك من إنسانة، فكنت دوماً ينبوع التضحية الذي لا يجف، و بحر الأمل الذي عن العطاء لا يكف، و الشمس التي لا تغيب ولا تحيد ، و دائما حين كانت تزاحمنى الأفكار وأصيب بالحيرة، وحين يتلمسنى الحزن ويدعونى إلى دنياه، وحين يضق صدري بالهموم وأتيه في غياهيب أحزاني، وحين احتجت إلى وطنٍ يحميني وصدرٍ يأويني، حينها دائما أنادى أمى ، أمى ..مع كل إشراقة شمس، أرى صورتك أمامي، أراك تشرقين فتملئين الكون ضياءً، والسماء إشراقاً، ومع كل تغريدة طير كان صوتك الدافئ يدخل في سمعي، هذا الصوت المغرد يعطي الحياة لحناً ، يعطى الحياة جودةً ، بل يعطى الحياه ذاتها أمى .. بعد رحيلك أدركت أن هناك بكاءً دون دموع، وصراخ يمزّق الحناجر دون أن يُسمع ، وكيف لا.. وحبي لكِ حقيقة تملأ الأكوان ، رحلتِ ولكن بقى ما تعلمته منك فسيظل هو النهر الذى اشرب منه والنور الذى يستنير به عقلى وسيظل ما تعلمته منك رافد من روافد المعرفه التى شكلت وتشكل وجدانى فباقة ورد من حديقة قلبي، أنثرها لذكراك وأقول لك أحبّك يا أمّي.
 
بقلم / عادل عبدالستار ...ممرض بالطب النفسى ...2017/3/20.