قال آري كروغلانسكي، أحد أبرز أساتذة علم النفس في جامعة ميريلاند، أنه بات من الممكن بالنسبة للحكومات مواجهة التطرف والانحراف المتعمد عن السلوكيات والقوانين العامة، من خلال اتباع سلسلة خطوات محددة. جاء ذلك خلال الجلسة الجانبية التي حملت عنوان "داخل العقول الأكثر خطورة
وقال كروغلانسكي: "آخذين بالحسبان أن العقل البشري يتّسم بالطواعية والمرونة، فإن مواجهة التطرف ليس بالأمر المستحيل. وانطلاقًا من ذلك، فإنه من الأهمية بمكان بالنسبة للحكومات الحد من كل ما يؤدي إلى الشعور بالإهمال وقلة الأهمية بالنسبة للأفراد من خلال إرساء ركائز التعليم وتفعيل السياسات ذات الصلة. وتشمل الطرق الممكنة للحد من ذلك تصميم وتنفيذ برامج مكافحة الإرهاب والتطرف، وإظهار الصورة الحقيقة السلبية للعنف على كافة المستويات، وتعزيز المثالية والاعتدال، فضلًا عن القيام بتأسيس شبكات لمكافحة العنف".
وأضاف: "لا تتوقف الأهمية عند مكافحة التطرف في ميدان المعركة فقط، ولكن أيضًا منع التوجه نحو التطرف والسعي إلى عكس اتجاهه. وقد أظهرت البحوث التي أجريت لعقود أن الإرهابيين لا يعانون من الانفصام ولا من الاكتئاب أو الأمراض النفسية. لذلك من المهم أخذ ما توصل إليه علم النفس بالحسبان للتعامل مع المتطرفين. وفي حديثه عن حالات التطرف العنيف، أشار البروفيسور إلى نموذج الاحتياجات الثلاث للتطرف، وهي السعي إلى تحقيق الكرامة التي يمكن توجيهها بطرق مختلفة، والسرد العنيف الذي يضفي شعورًا بالأهمية، وسعي الفرد إلى تأسيس رابط له مع الآخرين.
وأضاف: "البشر مخلوقات ذات طابع خاص، ونحن بحاجة إلى أن نعيش بواقع مشترك يرضى به الآخرون. وإن سعي الفرد إلى تحقيق الأبعاد الثلاث لنموذج التطرف من شأنه خلق العنف أو التطرف الشديد الذي سيلحق الأذى بالعالم في نهاية المطاف. في الواقع، يتمحور الأمر حول سعي الفرد لإثبات أهميته، دون إعارة أي انتباه يذكر لأي شيء آخر. ويأتي السعي نحو إثبات الفرد لمدى أهميته جرّاء خسارة اجتماعية أو شخصية أو حتى المرور بظروف الإهانة أو المعاناة، فضلًا عن اقتناص الفرصة سعيًا لاكتساب أو استعادة الأهمية. وإن تنظيم القاعدة أو ما يُسمى بداعش على سبيل المثال لا الحصر يسعى إلى إبراز مدى الأهمية تلك بالنسبة للمجندين الجدد في مثل تلك التنظيمات".
وقد استندت كل تلك النظريات على الأدلة التجريبية المستسقاة من الدراسات الاستقصائية والمقابلات وتحليلات المحتوى، فضلًا عن مختلف الأحداث والفعاليات من حولنا. وقد تركز البحث على العديد من العينات المختلفة.
وأضاف كروغلانسكي بضعة أمثلة أخرى من الأدلة التجريبية ذات الصلة، مثل المهاجرين واللاجئين في الولايات المتحدة، والذين يعانون من الشعور بعدم الأهمية، مما يقودهم إلى تأييد الآراء المتطرفة. وإن سعي الانتحاريين إلى إبراز مدى أهميتهم يرتبط بشكل كبير بفعالية الهجمات الإرهابية.