ضمير المراقب - بقلم : حسام فتحي


..
أعتقد أننا بحاجة ماسة إلى حملة وطنية لإعادة إيقاظ الضمير، أو صحوة الضمير وأن يتم التركيز على هذا الأمر الحيوي من جميع وسائل الإعلام حتى يعود الإنسان المصري إلى صفاته الطبيعية التي التصقت به والتصق بها، حتى حدث ما حدث للمصريين على مر العقود القليلة الماضية.

أطالب بحملة «صحوة الضمير» بعد قراءة خبر صغير لم يحقق انتشارا لكنه ذو مغزى كبير.

.. هناك مهن لا تحتمل الأخطاء، وتعتبر من المهن الحساسة التي تتوقف عليها سلامة وأرواح مئات البشر، فالطبيب إذا أهمل ربما يتأثر مريض أو مائة، أما صاحب هذه المهنة فمعلقة بكفاءته ويقظته وانتباهه مئات الأرواح.. إضافة إلى سمعة بلد بأكمله.. إنها مهنة «المراقب الجوي».

القصة باختصار أنه قبل أيام حلت الذكرى الـ 74 لمعركة العلمين، وفي هذا الوقت من العام تنشط حركة زيارة مقابر ضحايا هذه المعركة الشهيرة في الحرب العالمية الثانية، ويتوافد من تبقى من أقارب هؤلاء الضحايا على مقابر العلمين.

ما حدث أن السفير الاميركي ستيفن بيكروفت اصطحب السفير البريطاني جون كاسن واستقلا الطائرة متجهين الى مطار العلمين، وكالمعتاد عندما اقتربت الطائرة من المطار بدأ الطيار يتواصل مع «المراقب الجوي» في برج المراقبة للحصول على الإذن بالهبوط، وطوال 45 دقيقة كاملة ظل قائد الطائرة يحاول «التواصل» دون رد.. ودون جدوى، ولك ان تتخيل الموقف، والقلق من نفاد الوقود او تقلب الأجواء حتى استطاع «مراقب جوي» خارج الخدمة ان يسمع النداء بالصدفة ويرشد الطائرة للهبوط، لأن المراقب الجوي الأساسي ترك برج المراقبة دون إنذار (بالتعبير المصري) «زوغ»!!

طبعا تم إيقاف «المراقب المزوغ» والتحقيق معه، وربما تتم مجازاته، لكن دلالة الحادث ان موظفا واحدا غاب ضميره ادى الى «نسف» جهود دولة بأكملها لتحسين صورتها امام العالم ومجهودات ضخمة لاستعادة السائحين البريطانيين والأميركيين وغيرهم الذين نسعى لإقناعهم بأن مطاراتنا «آمنة».. ثم يأتي «مراقب فرد» واحد ليسيء إلى إحدى أكثر المهن حساسية وأهمية لتعلقها بأرواح البشر، التي هي اغلى وأهم شيء.. في بلدان أخرى!!

.. هناك أخطاء تكشف عن «خلل» في منظومة الأخلاقيات والقيم والسلوك، ومنها «قيمة العمل» .. وبدون علاجها.. «مفيش فايده»!!

وحفظ الله مصر وأهلها من كل سوء