بقلم: حسام فتحي 
 
دائما هناك صبح جديد يشرق على وجه مصر المحروسة يبعث الأمل في النفوس ويزيل بعضاً من كآبة علت الوجوه الشاحبة، ويخفف الهموم المتراكمة فوق الأجساد الهزيلة.
 
وسط الحرب على الإرهاب، وصور أجساد الشهداء المخضبة بالدماء، وأخبار ارتفاع الأسعار، و«تحليق» الدولار، والغلاء الذي طحن طبقات بأكملها، يشق دياجير الظلمات المتراكمة ضوء أمل يحيي فينا الرجاء بأن الأمور ستنصلح بإذن الله وأن الأشجار التي كادت تموت واقفة ستعود إلى الإثمار.
 
.. قبل يومين استقبل مطار مدينة «مرسى علم» ـ جنوب الغردقة ـ أولى الرحلات المباشرة لشركة «آندا إير» الأوكرانية حاملة على متنها أول فوج سياحي أوكراني إلى المدينة الهادئة.. الرائعة التي استقبل أهلها وموظفو مطارها الطائرة الأوكرانية بمدافع المياه والورود والرقصات الشعبية، في احتفالية توضح مدى شوقهم إلى قدوم سائحين، بعد شهور طويلة من الانقطاع الذي كاد يحول «ماسة» البحر الأحمر إلى مدينة أشباح، رغم ما تتمتع به من جو ساحر وطبيعة خلابة ومياه وحياة بحرية لا تضاهيها بقعة أخرى، ولا تنافسها سوى بضعة شواطئ بكر يعرفها فقط محبو الغوص وعشاق الرياضات المائية ومغرمو أعماق البحار.
 
وأنا أتابع صور الاستقبال على شاشات التلفزيون تذكرت افتتاح مطار «مرسى علم» قبل اكثر من 15 عاما ضمن «رؤية» مستقبلية لرجل اعمال كويتي رائع رحل عن عالمنا هو ناصر الخرافي ـ رحمه الله ـ والذي تبنى تطوير منطقة «مرسى علم» وآمن بأنها تستحق كل ما تضخه فيها مجموعة عائلته من استثمارات تجاوزت الـ 3 مليارات دولار وتنوعت بين إقامة الفنادق الضخمة والقرى السياحية وحتى المطار والطرق، وتذكرت اللقاء الذي جمعني بالراحل الكبير في مكتبه بمنطقة الشويخ في الكويت، وكيف كان يتحدث بحب شديد وتقدير عميق عن مصر، وقال ـ رحمه الله ـ إنه يحلم بمد خط قطار «فائق السرعة» بين «مرسى علم» (ماسة) البحر الأحمر، و«الأقصر» عاصمة آثار العالم، وهي مسافة إذا قطعت مباشرة لا تتجاوز 250 ـ 300 كيلومتر، يقطعها القطار السريع في ساعة وبضع دقائق، بدلا من عدة ساعات يقطعها السائح الآن عبر طرق غير ممهدة.
 
ورحل ناصر الخرافي قبل تحقيق «الحلم» الذي سيحدث تحقيقه «طفرة» حقيقية في السياحة بين الأقصر والبحر الأحمر.. فهل هناك من سيحقق الحلم «الخرافي» ويصنع «قيمة مضافة» حقيقية تستحقها هاتان البقعتان الساحرتان من أرض المحروسة؟.. رحم الله ناصر الخرافي.
 
وحفظ الله مصر وأهلها من كل سوء.